“شيعة.. شيعة” والغطاء الميسحي، والسني في الوطن/ بقلم عمر سعيد
“شيعة.. شيعة” والغطاء الميسحي، والسني في الوطن.
منذ ثلاثة عقود، والثنائي يكرس هذا الشعار في الروضات، والمدارس، والثانويات، والجامعات، والشارع، والساحات، والضواحي.
حتى بدا وكأنه ما من عاقل يتجرأ على القول لمرددي هذا الشعار: إنه قاتلكم، وآفتكم التي ستأتي على الأخضر واليابس.
ما حلت مناسبة إلا وأرهبوا الناس فيه، ما تركت فرصة إلا وقد ضج فضاؤها بهذا الشعار، الذي يخجل منه السامع، ويتفاخر به الهاتف.
فئة لا تعد ولا تحصى من المحرضين، وضعت نفسها في خدمة تعزيزه، وتعليمه، وغرسه في الأجيال سنة بعد أخرى.
حتى ظن من يحمله أنه أفضل من خلق الله، وأنه موجود به ولأجله، ومنتصر لا محالة به.
والمشكلة القاتلة، كمنت خلال هذه السنوات في أولئك المعلمين، ورجال الوعظ، الذين ما ادخروا فرصة من أجل هذا الشعار.
وما استثنيت جامعة حكومية ولا خاصة من هذا المناخ التوريطي لطائفة كانت تناضل لأجل كرامة الإنسان.
رفعت رايات الثنائي في كل مكان، طالته يد محازبيه، وبلغ الأمر ببعضهم إسقاط العلم اللبناني، واستبداله برايتهم الصفراء.
ما من فرع من أفرع الجامعة اللبنانية يدخله المرء إلا ويجد رايات الحسين، ورايات الثنائي.
واللبنانيون من حول هذه الظاهرة في صبر على مضض.
تركب حافلاتهم كشركاء لك في الوطن فيغصبونك على أناشيدهم، وصورهم، وراياتهم.
تمر في طريق المطار، فتشك أنك في لبنان، وتتجول في البقاع الشمالي والأوسط والجنوب فتضطر للتعامي عن آلاف النصب التذكارية لأئمة فرس.
حتى بلغت الوقاحة بهم مبلغًا، لم يتجرأ أحد على إدانة أي فعل من هذه الأفعال، حتى صدق هؤلاء أن البلاد لهم وحدهم، وما عادوا أبصروا أن هناك آخرون على أرض هذا الوطن.
وشد على أيديهم في ذلك كثيرون من الزعامات السنية والدرزية التي ارتمت في أحضانهم من رؤساء حكومات إلى نواب ورؤساء بلديات ومواطنين، التحقوا بسرايا المقاومة.
كما شد على أكفهم رؤساء جمهورية، ووزراء من المسيحيين الذين لم ينقصهم إلا التشيع أمثال ميشال عون وجبران باسيل، وأسود وكحلي، وفستقي فاقع.
ومن الطبيعي أن يكون فعل هذا الثنائي كما ظهر اليوم، ومن الطبيعي أن يأتي رد الفعل اللبناني بهذا القدر من الحزم والتحدي.
لم يكن رد الفعل مجرد لحظة انفعال عابرة، بل كان دفاعًا عن وجود، يطل في الشهر قرابة المرتين سيد مقاومة الثنائي، يلوح بإصبعه، ويهدد صارخًا.
غير معير أي اهتمام لمن يرى، ويصغي، ويحلل.
بلغ الأمر به مبلغ فرعون، وكاد يقول:
“أنا ربكم الأعلى”
فلماذا ترك الأمر إلى هذا المستوى؟!
لأن العلاقة التي ربطت الثنائي بحلفائه، باتت محكومة بسلوكيات مقرفة.
فحزب الله يتجاهل حلفائه، ويرضيهم بمناصب، يزيحهم منها ساعة يشاء.
وحزب الله يملي على حلفائه، ولا يصغي لهم.
وحزب الله لا يكلف نفسه قبول التحاور، بل يكلف مندوبًا عنه بالتبليغ، وعلى الآخر التنفيذ.
وحزب الله يدخل النفط، ويرفع الدولار، ويخفض سعره ساعة يشاء.
وحزب الله يحمي القتلة وتجار المخدرات من العدالة.
وحزب الله يقيل ويعيّن، ويغتال، ويوقف وما من أحد يحاسبه، لأنه المحاسِب.
لكن ومنذ شهور، ومسار الأحداث يوحي بما وصلنا إليه اليوم:
فمن معركة خلدة مع العشائر بسبب قاتل رفض تسليمه إلى القضاء، إلى راجمة صواريخ تعتدي على أمن المواطن الحاصباني، فيصادرها اللبنانيون الدروز، ويلقنون مقاتليها درسًا لن ينسوه، مرورا بقاتل الشاب حاموش، والطيار في الجيش اللبناني سامر حنا، الذي أسقطت طائرته بنيران حزب الله، وقاتل مقداد سليم، وجبران تويني، وبيار الجميل، ووسامي عيد والحسن، إلى قتل المئات في تفجير مرفأ ببروت، كل ذلك أوصل اللبنانيين إلى قناعة أنهم فقدوا الدولة، وبات خيارهم الوحيد الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم.
وعندما بلغ الأمر برافعي شعار شيعة، شيعة مبلغًا، جعلهم يؤمنون أن صرماية السيد أكبر من لبنان، وصاروا يتصرفون كأنهم كلهم أسياد، كان اليوم هو الموقف المناسب لمواطنين يعيشون مرعوبين من سلاح متفلت، تحمله أيد، تظل ليل نهار تهدد، وتنشر عبر وسائل التواصل ما يشعر اللبنانيين بالاستحقار والإهانة والإقصاء، والإلغاء، وتخيفهم حد الموت.
فماذا جنى الثنائي من شعاره؟!
لقد سقط الغطاء السني، ولحقه العطاء الدرزي، واليوم لحق بهما ما بقي من مسيحيين كانوا يغطون ممارسات الثنائي.
أخيرًا إن الحزب الذي يقرن اسمه باسم الله، هو أكثر العارفين بمعنى الآية ثلاثين، من سورة الشورى في القرآن الكريم:
“وماأصابكم من مصيبة، فبما كسبت أيدكم، ويعفو عن كثير” الآية ٣٠ من سورة الشورى.
عمر سعيد