لبنان

جان جبران إلى التحقيق… وغجر يواكبه بعمليّة إنقاذ داخليّة!

كتبت نهلا ناصر الدين في “أساس ميديا”

بعد أكثر من ستة أشهر على فضيحة تعويض المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران على نفسه مبلغاً يقارب 10 ملايين دولار، بوصفه متعهّد إنشاء سدّ جنّة (جان جبران نفسه)، وهي فضيحة كان قد كشفها موقع “أساس” في 7 كانون الأول 2020، أكّدت معلومات خاصّة لـ”أساس” استدعاء جبران إلى التحقيق بموجب كتاب من المدّعي العامّ المالي علي إبراهيم، وهو الاستدعاء الذي أكّدت مصادر لصيقة بالملفّ أنّه تمّت مواكبته بقرار سريع من وزير الطاقة ريمون غجر بالمباشرة بتحقيق داخليّ، يسبق عادةً موافقة الوزير على التحقيق مع أيّ موظف في الوزارة، لاتخاذ القرار المناسب على أساس مضمون هذا التحقيق بالموافقة أو الرفض.

وعلم “أساس” أنّ الوزير غجر كلّف مدير الاستثمار غسان نور الدين برئاسة لجنة التحقيق الداخلي في وزارة الطاقة. وسيبحث التحقيق تفاصيل التعويض على الاستشاري وأسبابه الموجبة مع هيئات رقابية ثلاث وافقت على التعويض لمتعهّد سدّ جنّة. وهذه الهيئات هي هيئة الإشراف ومكتب التدقيق وهيئة لجنة سدّ جنّة. إضافةً إلى ذلك، ستحقّق اللجنة مع المتعهّد نفسه وتطّلع على رأيه في الموضوع، قبل وضع تقريرها النهائي بين يدي الوزير، الذي يُفترض أن يأخذ به لاتخاذ القرار المناسب، فإمّا السماح بملاحقة المدير العامّ لمؤسسة بيروت وجبل لبنان وإمّا عدمه. وفي حال لم يسمح الوزير بذلك يكون لدى المدّعي العامّ المالي هامش الطلب من المدّعي العامّ التمييزي بتخطّي الوزير والسماح بالملاحقة من دون إذنه.

وبينما توقّعت بعض المصادر أن يُغيَّر التحقيق الداخلي لإظهار جبران بريئاً، فلا تُرفع الحصانة عنه عندئذٍ، وذلك عبر الضغط على نور الدين، المحسوب سياسيّاً على حزب الله، أكّد مصدر في وزارة الطاقة أنّ نور الدين من “الأوادم” القلائل في الوزارة، ومن الصعب أن يخضع لأيّ ضغط سياسي في أيّ ملفّ مرتبط بالفساد وهدر المال العامّ. وعلم “أساس” أنّ الوزير أعطى الضوء الأخضر للجنة التحقيق الداخلي لاستعمال كلّ صلاحيّاتها في التحقيق مع الهيئات الثلاث التي وافقت على التعويض، واستدعاء أيّ موظف في الوزارة. وكان المتعهّد قد طلب تعويضاً كبيراً عن الضرر الذي ادّعى أنّه أصابه، إذ قارب 30 مليون دولار، لكنّ المبلغ خُفِّض إلى الثلث تقريباً ليصل إلى 8 ملايين و100 ألف دولار.

وعلم “أساس” أنّ الملفّ قيد التحقيق اليوم، وقد اتّضح أنّ دفتر الشروط مخالف للنظام المالي لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، وقد أدرج في بند تحكيم خارجي من دون موافقة مجلس الوزراء، وأنّ التعويض دفعته المؤسسة عن التأخير في الاستحصال على تراخيص قطع الأشجار والتفجير، وهي بموجب دفتر الشروط يُفترض أن تكون كلفتها على عاتق المتعهّد نفسه، وهكذا عوّض جان جبران للمتعهّد عن تأخير وتعثّر المتعهّد نفسه، وربّما عن سوء نيّة المتعهّد. ويحاول جبران التذرّع بنصوص وبنود غير نافذة بموجب القانون اللبناني ومخالفة لقانون المحاسبة العموميّة ولقانون أصول المحاكمات المدنية، وهو ما سيضعف حجّته أمام القضاء، بحسب مصدر مطلّع. وتبيّن أيضاً أنّ مؤسسة مياه بيروت قد سدّدت دفعة للمتعهّد توازي 15% من قيمة الالتزام سلفاً عند مباشرة الأشغال، وهي توازي مبلغ 37 مليون دولار أميركي، مقابل خفض المتعهّد 3% من قيمة الصفقة، خلافاً لدفتر الشروط، علماً أنّ الأشغال المنفّذة حتّى تاريخه هي أقلّ من الدفعة المسدّدة للمتعهّد يُضاف إليها الـ 8 ملايين دولار أميركي التي دُفعت تعويضاً له.

وبالعودة إلى تفاصيل الفضيحة التي نشرها “أساس” في وقت سابق، فقد عوّض جبران على نفسه مبلغاً يقارب 10 ملايين دولار، بسبب عراقيل وتأخير في تنفيذ سدّ جنّة. إذ قامت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، بموجب قرار مجلس الإدارة رقم 2019/28 تاريخ 2019/7/25 المبني على اقتراح رئيس مجلس الإدارة المدير العام جان جبران، بتسديد تعويض لمتعهّد إنشاء سدّ جنّة، وهي شركة A. Gutierrez، يساوي مبلغاً وقدره 10 ملايين دولار و662 ألف دولار (10,662,000)، وذلك تعويضاً عمّا سمّته المؤسسة “عراقيل وتأخير في التنفيذ”، على نحو مخالف للقانون وقبل الانتهاء من تنفيذ المشروع، ومن دون bureau veritas، ومن دون وجود أيّ مستندات داعمة تبرّر كلفة الضرر المزعوم، الذي يستوجب التعويض، علماً أن هذا التسديد غير قانوني وغير مبرّر ولا يستند إلى أيّ رأي من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل يوجب دفع التعويض للمتعهّد المذكور. وتبيّن أنّ هذا التعويض قد تمّ وسدّدته فعليّاً المؤسسة إلى المتعهّد المذكور قبل استكمال المستندات والإجراءات النظامية، وقبل تصديق القرار من وزارة الطاقة والمياه. وتشير معلومات إلى أنّ وزير الطاقة والمياه قد سبق أن أعاد الملفّ بحالته الحاضرة إلى المؤسسة للاستكمال، لكنّ المؤسسة سدّدت التعويض الهائل خلافاً للقانون. ويملك جبران وإخوانه وعائلته هذه الشركة التي هي متعهّد ثانوي لأشغال الخرسانة والهندسة في مشروع سدّ جنّة، وهو ما يشكّل تعارض مصالح ومخالفات في أحكام قانون المحاسبة العمومية والأنظمة المالية لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان.

قد يأخذ التحقيق الداخلي في وزارة الطاقة أسبوعين إلى شهر، فهل يرفع الوزير غجر المحسوب على التيار الوطني الحر الحصانة عن جان جبران “المستشار المقاول القويّ” الذي تحوّل في ليلة برتقالية إلى مدير عامّ، وبينه وبين التيار ملفّات فساد عديدة، أم اقتربت “ساعة التخلّي” عن جان جبران، كما حصل مع شخصيّات “عونيّة” كثيرة تسبّبت بالإحراج للتيار المتلطّي بثوب محاربة الفساد؟!

Show More

Related Articles

Back to top button