تحت المجهر

لبنان الغارق في عتمة المازوت ومتاهة “الصهر القوي”

في غمرة غرق لبنان، منذ مطلع تموز الجاري في العتمة، والأزمات التابعة والمتصلة تباعاً، من شح الدولار، إلى شح المازوت، إلى السلة الغذائية التي أشبه «بلعبة سحرية، لا اثر لها على الأرض في المحلات، والسوبر ماركات سوى بسلع، لا أحد يعرف منشأها أو غير مستهلكة في المجتمع اللبناني.

 

يطرح السؤال: من أقحم البلد في جدل بيزنطي حول الحياد، والتحييد والصراع، والحصار، ودور الأصدقاء أو عدم أي دور لهؤلاء، وترك البلد إلى قدره؟

وينتظر ان يصل الى بيروت بعد غد الاربعاء وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان في زيارة مخصصة لرعاية تقديم دفعة من المساعدات المالية الفرنسية للمدارس والمعاهد الكاثوليكية التي تتولى تدريس البرامج الفرنسية في لبنان والتي قدرتها بعض المصادر بما يفوق العشرين مليون يورو لتخطي الضائقة الاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.

وفي ما يخص الحياد، يتوزّع الواقع السياسي بين مشهدين: المشهد الأول يتصدّره البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان له أكثر من موقف ولقاء بين بشري والديمان، وتصبّ مواقفه في الخانة نفسها المتصلة بالحياد، فيما تنوعت لقاءاته بين من يؤيّد علناً وصراحة ما يطرحه، وبين من يرفضه ضمناً، من دون ان يعلن ذلك، تلافياً للصدام مع البطريرك، فيضع لائحة من الشروط تحت عنوان التوافق، فيما أكثر من ملف استراتيجي وحساس يتمّ التفرُّد به. وقضية مثل الحياد شكّلت ركيزة ميثاق العام 1943 المطلوب التوافق حولها، خلافاً لكل منطق ودستور. ولا عجب في ذلك لانّ ما يحصل اليوم في لبنان يتجاوز كل عقل ومنطق.

وفي السياق، جاء موقف رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان على رأس وفد من “التيار” رمادياً وملتبساً. فإزاء الوضوح التام والموقف الصارم كحدّ السيف لسيّد بكركي، الذي اعتبر انّ “الحياد يحمي لبنان من الضياع في لعبة الأمم ومن أخطار العبث بهويته وهو الترجمة السياسية والدستورية للاعتراف بنهائية لبنان ولا ينطلق من الانتماء الطائفي والحزبي والمناطقي بل من الانتماء للبنان المحايد كدولة”،

اختار باسيل “الفذلكة” اللغوية مستخدماً مفردتين للحالة نفسها، فهو مع “تحييد” لبنان عن المشاكل والصراعات والمحاور، فيما يصبح “الحياد” معه مجرّد مسألة “تموضعٍ استراتيجيّ”، وليس مسلّمةً أساسية يكرّسها الدستور اللبناني ودولة القانون بشكلٍ قاطع لا لبس فيه.

هكذا ربط الصهر القويّ “الحياد” بمعجزة حلّ آفاتٍ تكبّل البلد منذ زمنٍ، ومعظمها ناتج طبعاً عن ضعف الدولة، فباتت بديهيات الدولة رهنٌ بشمّاعات “الحوار الوطني” وتوافر “المظلة الدولية” و”اعتراف الدول المجاورة به”، و”سحب عناصر التفجير الاسرائيلي للأرض والارهاب وترسيم الحدود وإعادة النازحين السوريين وعودة اللاجئين الفلسطينيين”.

راديو صوت بيروت إنترناشونال

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى