تحت المجهر

سلسلة استقالات في صحيفة “الأخبار” اللبنانية بسبب مناهضتها للحراك الشعبي

وسط ضجيج الانتفاضة في لبنان وضبابية المشهد حول ما قد تؤول إليه الأمور، سُجّلت مواقف مبدئية جريئة لعدد من الصحافيين في جريدة “الأخبار”، الذين قدموا استقالاتهم منها لاعتراضهم على المقاربة التي انتهجتها الصحيفة في مناهضة الانتفاضة التي اندلعت في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، والتي طالب محتجوها بأبسط حقوقهم المعيشية وبمكافحة الفساد وبـ”إسقاط النظام”.

ففي 29 أكتوبر، أعلنت الصحافية جوي سليم في منشورعلى صفحتها على موقع “فيسبوك” استقالتها من جريدة الأخبار. وقالت “الأيام الماضية كانت حاسمة بالنسبة إلي، بعدما خاب أملي من تغطية الجريدة للانتفاضة التي عَمِلَت لأشهر (ولسنوات ربما) على تقديم أدلة على ضرورة حدوثها. وما أن حدثت حتى انضمت الجريدة بسرعة إلى صفوف الثورة المضادة، وقدمت مادة مؤامراتية تحريضية وشائعات، غذّت ما حدث اليوم في الشارع من هجوم “مواطنين” (هكذا دعتهم الأخبار على فيسبوك) على المعتصمين”، وذلك في إشارة إلى الاعتداء الذي نفذّه مناصرو حزب الله وحركة أمل على المتظاهرين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح في بيروت.

ووصفت سليم مقاربة “الأخبار”، التي تُعدّ أبرز وسائل الإعلام المدافعة عن سياسة حزب الله والمحور الإيراني بوجه الدول الغربية، للانتفاضة بالـ”فضيحة”، محمّلةً الجريدة “جزءًا من مسؤولية أي دماء يريقها “المواطنون” – مؤيدو أحزاب السلطة بحق المتظاهرين والمعتصمين”. كما انتقدت الصحافية معالجة الجريدة للانتفاضة، قائلةً إنها “تتبع باراديغم المؤامرة، مع ترداد مصطلحات ببغائية كفيلة بتخوين الآخر ورميه بكل ما يقصيه ويعزله ويسخّف معاناته”.

استقالة رئيس قسم الاقتصاد

بعد أقل من أسبوع على استقالة سليم، جاءت الاثنين في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) استقالة كل من رئيس قسم الاقتصاد وملحق رأس المال في الجريدة محمد زبيب وزميله غسان ديبة. وفي تغريدة على موقع “تويتر”، قال زبيب “صدر ملحق رأس المال اليوم من دوني ومن دون غسان ديبة وآخرين كانوا من رواد هذه التجربة. منعاً لأي التباس، تقدمت باستقالتي من صحيفة الأخبار، في الأسبوع الماضي، احتجاجاً على موقف إدارة الصحيفة من الانتفاضة. وبالتالي، لم أعد مسؤولاً عن هذا الملحق”. ديبة من جانبه، اكتفى بإعادة نشر تغريدة زبيب، الذي تعذّر الاتصال به بغرض استيضاح موقفه.

تبدّل المقاربة على وقع خطاب نصر الله

لدى بدء الحراك الشعبي في لبنان ضد السلطة الحاكمة، اتخذت “الأخبار” موقفاً مؤيداً له وعنونت “الشعب يستطيع”، واصفةً ما يحصل بـ”انتفاضة شعبية يشهدها لبنان من أقصاه إلى أقصاه، فجّرتها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة”. غير أنه بعد أيام، تغيّر موقف الصحيفة بوضوح، فحذّرت من “خطف” الحراك أو استغلاله من قوى سياسية مدعومة من دول إقليمية.

وغداة كلمة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 25 أكتوبر، التي حذّر فيها من “الفوضى والانهيار” في حال استقالة الحكومة برئاسة سعد الحريري (التي استقالت لاحقاً) وشكّك بـ”عفوية” الحراك الشعبي، خرجت الصحيفة بعنوان “لبنان ينقسم”. ثم بدأت تصرّ على فكرة أن الشارع “خُطف” من خصوم حزب الله السياسيين، منتقدةً قطع الطرق وشلّ البلاد.

مزيد من الاستقالات

وآخر الاستقالات أتت الثلاثاء 5 نوفمبر، من قبل الصحافيتين فيفيان عقيقي وصباح أيوب. قالت عقيقي في تغريدة “تقدّمت باستقالتي من الأخبار لأسباب مهنية، متعلّقة بتغطيتها للانتفاضة الشعبية، ولغيرها من الأسباب المتراكمة والمتعلّقة بالأداء المهني للصحيفة ولم تُعالج يوماً”، شاكرةً الجريدة على فرصة العمل لديها ومشيرةً إلى أنها لم تعد تجد نفسها فيها.

كذلك أعلنت أيوب “تقدّمتُ باستقالتي من جريدة الأخبار نتيجة لتراكم أسباب، آخرها أداء الجريدة في تغطية انتفاضة 17 تشرين الشعبية”، مرفقةً تغريدتها بهاشتاغ “لبنان ينتفض” و”كلن يعني كلن”.

“الأخبار” خسرت حتى اليوم خمسة من أبرز صحافييها لانقلابها على انتفاضة، جاءت تطالب بما دأبت الصحيفة نفسها على المطالبة به.

ايليان داغر – اندبندنت

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button