محاولة حزب الله لإجهاض اندفاعة العهد الجديد
بقلم تادي عواد –
بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون، ساد جو من الأمل بإمكانية إعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس سليمة تقوم على سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة، وذلك استناداً إلى ما أعلنه الرئيس في خطاب القسم. مثّلت هذه الخطوة بادرة أمل للبنانيين الذين يتطلّعون إلى دولة مستقرة وقوية، بعيدة عن هيمنة السلاح غير الشرعي والتدخلات الخارجية.
في المقابل، لم يتأخر حزب الله وحلفاؤه في وضع خطة مضادة لإجهاض هذا الاندفاع. بدأوا بالتحضير لتسمية نجيب ميقاتي لتكليفه بتشكيل الحكومة، والدخول في لعبة إضاعة الوقت والمماطلة خلال فترة التأليف بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة. ويبدو أن الهدف من هذه الاستراتيجية هو تمرير عام كامل دون تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال الحالية التي تمنح شرعية سياسية ضمن بيانها الوزاري لاستمرار وجود سلاح حزب الله.
هذا السلوك يعكس إصرار حزب الله على تعطيل الحياة السياسية وشلّ مؤسسات الدولة، لضمان إبقاء لبنان رهينة لهيمنة سلاحه وقراراته التي ساهمت في تدمير مؤسسات الدولة، وإضعاف الاقتصاد الوطني، وجرّ البلاد إلى حروب عبثية مثل حرب “إسناد غزة” التي خلّفت ويلات ودماراً وقتلاً، وصولاً إلى إعادة الاحتلال الإسرائيلي إلى الجنوب اللبناني.
من هنا، ينبغي على الكتل النيابية حسم مواقفها؛ فالمعركة باتت بين خطين واضحين، والمواقف الرمادية لا تقلّ سوءاً عن مواقف حزب الله، بل ستكون محسوبة في خانته. وعليه، يجب على الكتل النيابية اتخاذ موقف صريح، إما بالوقوف إلى جانب العهد في مواجهة الدويلة، أو إلى جانب دويلة حزب الله في مواجهة الدولة.
من الواضح أن المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالتحديات، حيث يراهن الشعب اللبناني على إرادة سياسية حقيقية تعيد للدولة هيبتها وتضع حداً لسياسة المماطلة التي أرهقت البلاد وحرمتها من فرص النهوض بأزماتها المتتالية. لكن يبقى السؤال: هل سيكون نواب الأمة على قدر تطلعات الشعب؟ أم سيُضيّعون الفرصة التاريخية في مستنقع الشعبوية والمراوغة؟ هذا ما ستكشفه الأيام القليلة المقبلة.