١٧ عاما من عمرنا هل تعيدها الدموع/ عمر سعيد
١٧ عاما من عمرنا هل تعيدها الدموع
منذ ان انطلق سعد الحريري لم يقنعني لا شخصه ولا آداؤه.
وفي كل مرة كان يصل فيها إلى مفترق طريق، كان يعيد الناس إلى نقطة البداية معتذرًا، محملًا نفسه المسؤولية، ويطلق وعودًا سطحية، لم تقنع إلا السذج ذوي الذاكرات القصيرة.
أمس عاد سعد الحريري إلى الإجراء عينه.
وأطلق دموعه التي اتخذ منها أتباعه السذج ذوي الذاكرات القصيرة منصتهم للتجييش والاستثمار في العواطف الشعبوية.
لست أهتم لدموعه، ولا لطيبته، ولا لنظافة ربطة عنقه، لأن الذي فقدناه بلغ ١٧ عامًا من السخافات والتنازلات، والتراجعات التي انتهت بالفرار، وهو بذلك أثبت أنه لا يختلف عن أي حاكم دكتاتور إلا بنسبة اللون الأحمر في الدماء التي تراق.
في سوريا كلف دكتارتور دمشق الشعب السوري ٱلاف القتلى من الأبرياء وغيرهم، وملايين الدولارات.
فما الفرق بينه وبين الحريري الذي لم يلطخ طقمه الرسمي بالدماء ودخان المعارك، ولكنه خلف وراءه قرابة الألف جريح، والمئتين وخمسين ضحية في المرفأ؟!
أوليست حكوماته المتعاقبة بشخصه من حقبات تخزين اليورانيوم؟!
من الذي ترك كرامات الناس تستباح في بيروت في السابع من أيار؟! ولم يلجأ إلى أية إدانة أو محاكمة.
من الذي تسبب بتجويع قرابة ثلاثة ملايين لبنانيًا، وأغلق مؤسسات وأسقط البلد؟!
هل تكفي دموعه لأسقاط تهمة إضاعة سبعة عشر عامًا من حياة اللبنانيين في التنازل والتراخي؟!
هل ستعدل الانهيار الاقتصادي دموعه؟!
من سيعيد للمواطن ما خسره بسياسته التي استمرت ١٧ عاما؟!
وقد كان شريكًا في كل شيء، كل شيء.
كان أجدر به أن يستقيل بكامل فريقه من مجلس النواب!
ولكنه أكل راس الناس بفكرة منع الحرب الأهلية، تلك الكذبة التي أقنعه بها مستشاروه الذين بيضوا الأموال وهربوها، وعقدوا الصفقات، والاتفاقات، ووزروا، ونوبوا ووظفوا بالرشاوي ممن ساهم بدمار البلد.
وكانوا صانعي فساد كسواهم.
إن ثمن تلك السبعة عشر عامًا، ليس مجرد تنحي وخطاب، ودموع، بل إن ثمنها في أقل تقدير هو أن يضع نفسه بتصرف القضاء اللبناني، في كافة الملفات القاتلة.
وليكتفي بسلفي من خلف قوس العدالة التي قفز فوقها عدة مرات مع فريقه طوال السبعة عشر عامًا.
لذا لن نقول: حسنًا فعل، بل سنقول بئس ما فعل هو وفريقه.
ولبنان والطائفة السنية غنيان بالرجال الذين يفيض حجمهم عن تلك الأحجام المنفوخة بالتبجح والتفشيخ الذي يثير الوحل والغبار، ولا يعبد طريقا.
#عمر_سعيد