جرائم سياسات ماكرون بحق لبنان.. تهديد التوازن الوطني
لطالما لعبت فرنسا دورًا مزدوجًا في لبنان، متظاهرةً بدعم سيادته واستقراره، بينما تعمل في الخفاء على ترسيخ نفوذ إيران ومحور الممانعة بما يخدم مصالحها السياسية. وتحت إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون، انتقلت هذه السياسات إلى مستوى غير مسبوق من التدخل المباشر، حيث سعت باريس إلى إعادة تشكيل النظام السياسي اللبناني وفق رؤية تخدم إيران وتحالفها الضمني معها، حتى لو جاء ذلك على حساب سيادة الدولة واستقرارها.
محاولة إسقاط اتفاق الطائف واستبداله بالمثالثة
اتفاق الطائف، الذي أُبرم عام 1989، شكَّل الإطار الدستوري الأساسي لإنهاء الحرب الأهلية وإرساء توازن دقيق بين الطوائف اللبنانية. إلا أن إدارة ماكرون، ومن خلال تحركاتها الدبلوماسية، سعت إلى تقويض هذا الاتفاق عبر طرح فكرة “المثالثة”، أي تقاسم السلطة بين المسيحيين والسنة والشيعة بشكل متساوٍ، مما يمنح الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) نفوذًا مضاعفًا في الدولة. هذه المحاولة ليست مجرد تعديل تقني للنظام، بل هي انقلاب على الدستور اللبناني وتكريس لمعادلة تخدم مصالح إيران في المنطقة أكثر مما تخدم لبنان.
فرض سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية خدمةً لحزب الله
رغم معارضة معظم القوى السياسية اللبنانية، ضغطت فرنسا بشكل مكشوف لتمرير ترشيح سليمان فرنجية، الحليف الوثيق لحزب الله والنظام السوري، إلى رئاسة الجمهورية. كان الهدف من ذلك ترسيخ النفوذ الإيراني عبر شخصية تابعة للمحور الإيراني، مما يهدد بتكريس لبنان كساحة للصراعات الإقليمية على حساب مصالح الشعب اللبناني. تجاهلت باريس مطالب القوى السيادية والإصلاحية التي تبحث عن رئيس قادر على إنقاذ البلاد من الانهيار، وأصرَّت على دعم مرشح لا يمثل سوى مصالح حزب الله وحلفائه.
التدخل في تشكيل الحكومة لفرض “مثالثة” مقنَّعة
لم تتوقف الضغوط الفرنسية عند حدود الرئاسة، بل وصلت إلى التدخل في تشكيل الحكومات اللبنانية لضمان حصول الثنائي الشيعي على وزارة المالية، التي تمثل “توقيع” الدولة اللبنانية. من خلال ذلك، تسعى باريس إلى فرض “مثالثة مقنَّعة” تتيح لهذا الثنائي القدرة على تعطيل أي قرار مالي أو اقتصادي، مما يُفقد السلطة التنفيذية فعاليتها، ويؤدي إلى شلل الدولة وإضعاف أي حكومة لا تتماشى مع مصالح حزب الله وإيران.
النتائج الكارثية للسياسات الفرنسية
إضعاف المؤسسات اللبنانية: عبر تعزيز نفوذ طرف سياسي على حساب الآخرين، تسهم فرنسا في إضعاف الدولة وتقويض إمكانية استعادة سيادتها واستقلالها.
تعزيز النفوذ الإيراني: تؤدي هذه السياسات إلى جعل لبنان أكثر ارتباطًا بالمشروع الإيراني في المنطقة، ما يعزله عن محيطه العربي والدولي.
تدمير الاقتصاد وإطالة أمد الأزمات: بدلًا من دعم الإصلاحات وإنقاذ الاقتصاد اللبناني، تدعم باريس نظامًا فاسدًا غير قادر على اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة.
فرنسا تكرِّس الهيمنة بدل الحلول
بدلًا من لعب دور الوسيط العادل، اختارت فرنسا تحت إدارة ماكرون أن تكون طرفًا في النزاع، منحازةً لمحور إقليمي على حساب الشعب اللبناني. هذا التدخل لا يخدم سوى مصالح النظام الإيراني. وحده موقف لبناني وطني موحَّد يمكنه مواجهة هذه الضغوط ورفض أي محاولة لتغيير هوية لبنان السياسية والدستورية.