مدرسة غوبلز في الكذب… “حق المقاومة”
بقلم تادي عواد –
استوقفني تصريح النائب محمد رعد عندما قال: “حق شعبنا في التصدي للاعتداءات مشروع ومقدس، يمارسه في التوقيت والمكان المناسبين.”
عبارة تكررت حتى أصبحت جزءًا من الخطاب اليومي، تُمرَّر بوعي أو بلا وعي، وكأنها من المسلَّمات، وكأنها منطق لا يقبل الجدل. لكنها في الحقيقة ليست سوى نسخة مكررة من مدرسة غوبلز في الكذب: “اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، فلا بد أن يصدقك الناس.”
الحق بيد الدولة
في جميع دول العالم، دون استثناء، الحق لا يُنتزع بالسلاح، ولا يُقرره تنظيم حزبي، ولا يُفرض بمليشيا تخضع لإملاءات خارجية. في أي دولة تحترم نفسها، هناك منظومة قانونية وأمنية واضحة: إن تعرَّضتَ لاعتداء، تلجأ إلى الدولة، والدولة، من خلال مؤسساتها الدستورية—الجيش، القضاء، قوى الأمن—هي الجهة التي تتولى حماية حقوق مواطنيها واستردادها وفق القانون.
أما في لبنان، فقد تم قلب المعادلة: لم يعد الحق بيد الدولة، بل أصبح بيد “عصابة تعمل لحسابها الخاص.” حزبٌ مسلّح، يقرر متى وأين يخوض الحروب، متى يسكت ومتى يطلق الصواريخ، من دون العودة إلى الدولة أو الشعب، بل وفق أجندات إقليمية لا علاقة لها بلبنان.
التلاعب بالمصطلحات
حزب الله لم يكتفِ بمصادرة القرار الأمني والعسكري للبنان، بل حاول هندسة وعي جماهيري زائف، عبر التلاعب بالمصطلحات لشرعنة وضع غير شرعي:
بدلًا من الاعتراف بأنه تنظيم مسلح خارج عن القانون، يُقال إنه مقاومة، وكأن أي حزب يملك سلاحًا يصبح تلقائيًا “مقاومة”!
بدلًا من الإقرار بأنه يأخذ البلد رهينة لصالح محور خارجي، يُقال إنه يحمي السيادة!
بدلًا من الاعتراف بأن قراره إيراني بامتياز، يُقال إنه صاحب قرار مستقل!
إرهاب فكري ومجتمعي
تكرار الأكاذيب لا يتوقف عند الإعلام والخطابات، بل يتغلغل في بنية المجتمع، حتى بات البعض يخشى انتقاد هذه المنظومة خوفًا من التخوين أو التكفير أو التصفية الجسدية.
كل من يجرؤ على القول إن الدولة وحدها هي صاحبة الحق في السلاح، يُتَّهم فورًا بالعمالة. وكل من يطالب بمحاسبة الحزب على جرائمه بحق اللبنانيين، يصبح “مرتبطًا بالسفارات”!
بين غوبلز وحزب الله
جوزيف غوبلز، وزير الدعاية النازي، فهم قوة الإعلام في تشكيل وعي الجماهير، وكذلك فعل حزب الله وآلته الإعلامية، التي تبنَّت النهج نفسه:
“اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الناس.”
كرر كذبة أن السلاح هو الذي يحمي لبنان، ليرددها الناس.
زعم أن الحرب الاقتصادية سببها المقاومة ضد إسرائيل، وسينسى البعض أن الحزب وعملاءه هم الذين دمروا الاقتصاد اللبناني بالفساد ونهب خزينة الدولة.
ادعى أن الدولة ضعيفة، ولذلك يجب أن يبقى الحزب مسلحًا، رغم أن الحزب نفسه هو من يُضعف الدولة ويمنعها من القيام بدورها!
الحقيقة واضحة… لمن يريد أن يراها
لبنان ليس دولة طبيعية، لأن هناك من صادر قراره وحوَّله إلى ساحة معركة تخدم مشاريع غير لبنانية. الدولة ليست عاجزة، لكنها مرهونة لمن يفرض عليها معادلاته بالسلاح والدمار.
وكلما تأخر اللبنانيون في مواجهة هذه الحقيقة، غرق البلد أكثر في مستنقع الوهم الذي بناه حزب الله، مسترشدًا بمدرسة غوبلز في الكذب المنهجي.