انفجار بريقع: رسالة بالدم إلى الجيش ورئيس الجمهورية؟

في 20 نيسان 2025، سقط ضابط وعسكريان من الجيش اللبناني شهداء، وأُصيب عدد من المدنيين، جراء انفجار ذخائر أثناء نقلها داخل آلية عسكرية في منطقة بريقع – النبطية.
وقد أعلنت قيادة الجيش عن فتح تحقيق في الحادث، لكن الأسئلة تتزايد: هل كان ما جرى مجرد حادث عرضي؟ أم أن للانفجار أبعادًا أمنية وسياسية أعمق؟
اللافت أن هذا “الحادث” جاء بعد أيام قليلة من تصاعد الحديث عن نية رئاسة الجمهورية العماد جوزيف عون، إعادة فتح ملف سلاح “حزب الله”، تحت عنوان “حصرية السلاح بيد الدولة”. فهل جاء الانفجار كردّ مباشر على هذا التوجّه؟
ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الجيش اللبناني لضغوط أو اعتداءات غير معلنة من “حزب الله”. فقد سُجلت خلال العقود الماضية عشرات الحالات التي اصطدمت فيها وحدات الجيش بعناصر من الحزب، أبرزها اغتيال النقيب الطيار سامر حنّا، وأحداث خلدة، و7 أيار، وعدلون، وغيرها. وغالبًا ما مرّت هذه الاعتداءات من دون أي محاسبة، وكأن الجيش ممنوع من ممارسة سيادته الكاملة على أراضي الوطن.
اليوم، في بريقع، نُفّذت الرسالة بلغة أوضح: الدم. دم جنود الوطن.
في منطقة تُعدّ عمقًا حيويًا لـ”حزب الله”، تُنقل ذخائر داخل آلية عسكرية، ثم تنفجر، فتقتل من فيها. فمن أين جاءت هذه الذخائر؟ من خزّنها؟ من سمح بنقلها؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
إذا لم تكن هذه رسالة، فهي بالتأكيد إنذار. إنذار لكل من يجرؤ على المسّ بسلاح الحزب. والسؤال الطبيعي يُطرح: هل بات هذا “السلاح المقدّس” فوق المحاسبة، حتى على حساب أرواح الضباط والعسكريين؟
لبنان اليوم أمام لحظة مفصلية: إما جيش واحد وسلاح شرعي واحد، وإما أن يبقى الوطن رهينة تنظيم مسلّح يفرض القرار بالاغتيالات والنار، ويرسل رسائله بالدم.
الأيام المقبلة وحدها ستكشف ما إذا كان التحقيق سيأخذ مجراه الطبيعي، أم سيُطمس كما طُمست ملفات سابقة. لكن الحقيقة المؤلمة تبقى واحدة: لا شراكة ممكنة بين الدولة والدويلة، ولا أمن مستدام في ظلّ سلاح منفلت من أي مساءلة.