تحت المجهر

حمايةً للرأي أم حمايةً للجريمة؟

يمثل التدخل السياسي في القضاء اللبناني واحدة من أبرز المشكلات التي تعيق تحقيق العدالة. وما حدث ليلة البارحة هو أحد الأمثلة الصارخة؛ فبعد أن أوقفت القوى الأمنية الناشطات سحر غدار وغنى غندور وإقليم مهوس إثر الدعوى المقدمة من قناة “MTV” بحقهن بتهمة التحريض على قتل العاملين في المحطة، واتهامهن بالعمالة لإسرائيل، والتحريض على قصفها وقتل موظفيها (وهي جريمة يعاقب عليها القانون)، تدخل حزب الله وضغط على القضاء لإطلاق سراح المتهمات تحت حجة “حرية الرأي”.

هل هي حرية الرأي أم حرية للجريمة؟

بالأمس تدخل حزب الله مباشرة عبر الحشد الجماهيري على الأرض مقابل مكتب الجرائم المعلوماتية، وأرسل النائب إبراهيم الموسوي الذي تشاجر مع عناصر قوى الأمن الداخلي، وحدث تدافع بين القوى الأمنية والمحتجين بالتزامن مع الضغوط القضائية، حتى تم إخراج الموقوفات.

ترافق هذا مع موجة إعلامية حاقدة من جمهور حزب الله على مؤسسات الدولة، تستهدف القضاء والأجهزة الأمنية، كما تضمن لهجة تحدٍ للدولة وللقضاء وإهانة للبنانيين.

يتكرر تدخل حزب الله في الشؤون القضائية، من محاولات ترهيب القضاء في قضية انفجار مرفأ بيروت إلى عشرات القضايا الأخرى خلال السنوات الأخيرة. هذا التدخل لا يقتصر على القضايا الإعلامية فحسب، بل يشمل أيضًا حماية الجريمة المنظمة من المهربين وسارقي السيارات وتجار المخدرات (وهو ما يضمن تدفق الأموال إلى حزب الله، ما يجعله أكثر قوة ونفوذًا)، مما يجعل هذه الفئة خارجة عن نطاق المساءلة القانونية.

تؤدي هذه الممارسات إلى تفشي الجريمة، فتوفر الحماية للمطلوبين وتشجع آخرين على ارتكاب الجرائم دون خوف من العقاب، ما يؤدي إلى تضخم العصابات وتفكك مؤسسات الدولة لصالح دويلة حزب الله. كما يؤدي إلى تآكل الثقة بالمؤسسات، فيشعر المواطنون بأن الأحزاب، لا الدولة، هي الحاكمة الفعلية. وهذا يعزز الانقسام ويهدد بقاء الدولة اللبنانية.

لا يمكن للبنان أن يتقدم نحو بناء دولة القانون إذا بقي القضاء رهينة لتدخلات حزب الله. الحل يبدأ بإرادة شعبية تدفع نحو الإصلاح وتضع العدالة فوق كل اعتبار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى