فأنت من صدق ما عاهد، وقضى ! (بقلم عمر سعيد)
إلى روح الراحل الباقي مار نصر الله بطرس صفير.
انتظرت أن يخف وهج الكلام في ذكراك الأولى، لأكتب ..
وقد أتيتني في الليل ضوءاً، يسأل عن أهلي وعن بلدي؟!
فأفقت أهمس أن ابق معي, وما رحلت.
ثم جلست وحدي، أفتش عنك في صفحات أخبار الثامنة مساء، وفي المواقف الكبيرة التي لا تشبه إلاك ..
أتدري – يا سيدي- أن المؤمنين كالأشجار، كلما اقتُلِعَت شجرة، تهددت أرضنا بالقحط والجفاف ؟!
والأشجار إن اقتلعت، خف التراب، تشرد الطير، وجاع الفقراء، وزادت قسوة المكان حدة من حول بقايا الزهور..
فما أحوجنا إليك في هذا الزمن الفاتر بكل ما فيه من ضجيج الكلام، وتفسخ جثة الفساد، وانتشار روائحها ..
فتطل ذكراء خضراء ..
تطل بابتسامتك، تؤكد الإنسان .. تطل
ولا ينال البعد من حضورك يا رجل..
لأن الرجال وإن نأوا، تظل أكفهم في الناس سعف نخيل، كلما هزته ريح، تهاطل رُطَباً على جياع الوطن الحزين..
فسلاما وتحايا لمن صاروا في وطني أشجاراً، تداهمها عواصف الغدر، وتأبى أن تقتلع.
هنيئاً لمن جاوروك في السماء، وقد أتقنوا انتظار الوطن في دمهم المسفوح عطراً !
سيظل وطنك واقفاً، وقد أينع الدم تحت أقدامنا، نقدم النذور بحجمك للسماء..
صلّ لنا في علوك، يا راهب الأرض في صومعة السماء..
فما أحوجنا إليك في زمن الفتور بخوراً، يتغيم على أكتاف العلى نقاء..
يحجب عنا كراهية الجاحدين ..
صلّ لنا، وامددنا بحبال من يقين ..
صلّ، واتل آيات الطمأنينة على من امتلأت صدورهم بأشعة الشمس والوضوح..
صلّ وذكر بقول ربك :
” مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ” (٢٣) الأحزاب..
فأنت المؤمن الذي صدق ما عاهد، وقضى ..
ونحن الذين نرجوا ألا نبدل تبديلا.
والسلام عليك رسولاً، يحررنا إيمانه من جور الظالمين.
عمر سعيد