سمعة سيئة للأدوية الإيرانية… ونتائج كارثية في العراق
تعاني عوائل ثلاثة متوفين في جنوب العراق -وهم أحدث ضحايا الأدوية الإيرانية- من محاولات لتزوير الوقائع، وتغيير أسباب الوفاة من قبل مسؤولين متنفذين، يحاولون المحافظة على سمعة الأدوية الإيرانية المتدهورة أصلًا في عموم العراق، وبما فيه إقليم كردستان، فيما يؤكد مختص باستيراد الأدوية، أن تدخلات حزبية تساهم في إضافة أعداد جديدة من الشركات الإيرانية المصدرة للدواء ضمن الجدول المعتمد من قبل وزارة الصحة، بالرغم من رداءتها وعدم منافستها لمثيلاتها العالمية.
وبالرغم من امتناع عائلة الظالمي عن الحديث في ملابسات وفاة أحد أبنائهم في شهر شباط / فبراير من العالم الحالي؛ إلا أن مصدرًا مقربًا منهم أكد أن تقرير الوفاة الشرعي حددها بنوبة صرع قوية حصلت له ، فيما أوضح طبيبه المعالج أن الدواء الذي تناوله منذ فترة لم يؤدَّ الغرض منه، والسبب: أن المتوفى لم يلتزم بشراء الدواء الأصلي، واستمع لنصيحة من صيدلي باعه دواء رخيصًا كان المتسبب بالوفاة.
دواء إيراني رخيص ومميت
وقال المصدر الساكن في الحي ذاته، الذي تعيش فيه عائلة الظالمي في حي الجزائر، بمدينة الديوانية “مركز محافظة القادسية جنوب العراق” لــ”وكالة يقين“: إن المتوفى -والبالغ من العمر 47 عامًا- كان يعاني من نوبات صرع متفرقة، ويخضع للعلاج بواسطة دكتور أعصاب مشهور في المدينة، وهو الذي وصف له دواء سويسريًا خاصًا بنوبات الصرع، ولكن المتوفى اشترى شبيهًا لهذا العقار بناء على نصيحة من صيدلاني باعه دواء إيراني بسعر رخيص، وتأثير مميت ،على حد تعبيره.
وأوضح المصدر لـــ”وكالة يقين”، أن عائلة الظالمي -وأثناء مراجعتهم للمستشفى وطبيب ابنهم المتوفى- تعرفوا على عائلتين لديهم المشكلة ذاتها مع العقار الإيراني الرخيص، وقاموا برفع مخاطبات إلى الجهات الرسمية في حكومة المحافظة، وتم إنصافهم بشكل جزئي بعد إصدار تصريح رسمي من أعلى مسؤول مختص بالملف الصحي في مجلس المحافظة، والذي تحدث صراحة عن دور الدواء الإيراني وتسببه المباشر بتسجيل حالات وفاة بالمحافظة.
ولفت المصدر أن عوائل المتوفين الذين كانوا ينتظرون من الحكومة أن تحقق وتطالب بحقوقهم وتعويضهم من الشركة المتضررة، ومثلما هو متعارف عليه في كل دول العالم؛ فوجئوا بسيل من الانتقادات والاتهامات وصلت حد تكذيبهم من قبل وزارة الصحة، التي وصفت مأساتهم بأنها “معلومات عارية عن الصحة” ، مضيفًا بأن هذه التصرفات شجعت حتى السفير الإيراني الذي تحرك لمنع توسع دائرة الشكاوى من أدويتهم، وأكد “أن هذا الموضوع لا أساس له من الصحة” من دون أي تحقيق أو حتى استفسار من ذوي الضحايا.
وكان رئيس لجنة الصحة في محافظة القادسية (باسم كبان الكرعاوي) قد أكد في بيان صحفي تسجيلهم ثلاث وفيات وإصابات أخرى جراء استخدام دواء إيراني المنشأ ، مبينًا أن الدواء سجل فشلًا في التجارب المختبرية، ويشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطن، محملًا وزارة الصحة المسؤولية القانونية عما جرى لكونها معنية بشكل مباشر فيما يتعلق بحياة المواطنين وتأمين المستلزمات العلاجية لهم.
سمعة سيئة للأدوية الإيرانية
ومع أن سمعة الأدوية الإيرانية تأتي في ذيل قائمة اختيارات المواطن العراقي إلا أن الصيدلاني (براء الحسان) يبين أن سعرها الرخيص هو الذي يغري المرضى، وخصوصًا الفقراء منهم على شرائها الذي يكون محفوفًا بمخاطر عديدة، منها عدم كفاءة الدواء، وتفاقم الحالة المرضية، أو أن يكون الدواء أصلًا منتهي الصلاحية، وتم تهريبه إلى العراق لتصريفه في السوق الدوائي الذي يعاني الفوضى.
ويبين الصيدلاني الحسان لــ”وكالة يقين”: إن مشكلة أغلب الأدوية الإيرانية أنها تكون مفتقرة إلى المركبات الكاملة من المادة الفعالة، والتي تعد الأغلى في تركيب الدواء، وبالتالي فإنها تكون رخيصة لأن فعاليتها محدودة أو منعدمة ، مستشهدًا بعقار الامبيرازول الذي يستخدم في أمراض الجهاز الهضمي، وتباع العلبة ذات الــ28 حبة من منشأ انكليزي بــ20 ألف دينار، في حين نجد ذات العقار الدوائي وبعلبة من 100 حبة يباع بخمسة آلاف دينار، ولكنها من منشأ إيراني.
وينفي الحسان وجود شيء اسمه أدوية الفقراء، أو أن تكون هناك شركات تقوم بتصنيع أدوية خاصة بذوي الدخل المحدود؛ لأن الشركات تتعامل بمبدأ المنافسة فيما بينها، وممكن أن تخفض الأسعار بحدود هامشية وبسيطة، ولكن أن يباع العقار الدوائي المنتج في الدولة بربع سعر مثيلة المنتج في الدولة، فهذا مؤشر على تلاعب واضح في التركيبة الفعالة للدواء.
ومن ضمن 5 صيدليات زارها معد التحقيق في مناطق متفرقة من بغداد وأربيل؛ فإن واحدة فقط كانت تبيع أدوية إيرانية، وبأنواع محدودة جدًا، بينما أوضح صاحبها أنها مهداة إليه مجانًا من وكلاء ومندوبين لشركات أدوية إيرانية، لافتًا إلى أن قلة أو انعدام الطلب على أدوية المنشأ الإيراني تدفع زملاء المهنة إلى عدم العمل بها.
وكالة اليقين للانباء العراقية