داعي الاسلام: تحويل النظام الإيراني مقابر ضحايا مجزرة الثمانينات إلى مواقف سيارات جريمة صادمة تكشف خوفه من ذاكرة المقاومة

قال حسين داعي الاسلام، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إنّ الجريمة الأخيرة التي ارتكبها نظام الملالي بتحويل مقابر الشهداء في “قطعة ٤١” من مقبرة بهشت زهرا بطهران إلى موقف للسيارات، سلوك صادم لا يعبّر فقط عن استهتار صارخ بحرمة الأموات، بل يكشف عن خوفٍ عميق يعيشه النظام من ذاكرة المقاومة ومن دماء ضحايا مجازره.
وأكد داعي الاسلام في تصريح صحفي مطوّل لصحيفة الثورة، أنّ هذه الجريمة تشكّل امتداداً مباشراً لجرائم الإبادة التي ارتكبها النظام منذ الثمانينيات.
وقال إنّ اعتراف داود غودرزي، معاون عمدة طهران، بأنّ السلطات منحت الإذن لتدمير مقابر الشهداء وتحويلها إلى مواقف سيارات، هو دليل قاطع على أنّ الجريمة صدرت بقرارٍ من أعلى مستويات السلطة، وليست خطأً فردياً أو قراراً محلياً.
وأضاف أن “النظام يحاول عبر هذه الخطوات محو آثار جرائم ضد الإنسانية ارتكبها، لكن الحقيقة أنّ كل محاولة للمحو تتحول إلى وثيقة جديدة تدينه وتكشف خوفه من حركة المقاومة التي لم تنكسر رغم أربعة عقود من القمع”.
ولفت إلى أنّ هذه الجريمة ليست المرة الأولى التي يسعى فيها النظام إلى إخفاء آثار جرائمه، مذكّراً بمجزرة عام ١٩٨٨ التي أُعدم خلالها أكثر من ٣٠ ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ودُفن كثير منهم في مقابر جماعية سرية.
وتابع أنه “منذ ذلك الحين، تحوّلت قضية المقابر الجماعية إلى خط مواجهة تاريخي: الملالي يحاولون الإخفاء، والمجاهدون يكشفون ويؤرّخون ويدفعون المجتمع الدولي للتحرك”.
وأوضح داعي الاسلام أنّ تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، ولا سيما تقارير منظمة العفو الدولية، أكّدت مراراً أنّ تدمير المقابر هو “جريمة ضد الإنسانية مستمرة”، مشيراً أيضاً إلى التقرير المهم الذي أصدره جاويد رحمان، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران، والذي اعتبر أنّ مجازر الثمانينيات، بما في ذلك مجزرة ١٩٨٨، تندرج ضمن “جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية”.
وقال عضو المقاومة الإيرانية إنّ توقيت هذه الخطوة بالذات يعكس المأزق الراهن الذي يعيشه النظام. “إيران اليوم في أضعف حالاتها، داخلياً يواجه النظام أزمة اقتصادية خانقة ومجتمعاً انفجارياً، وخارجياً يعيش عزلة غير مسبوقة. وفي قلب هذه الأزمات برزت وحدات الانتفاضة ككابوس يومي للنظام، ولهذا يلجأ خامنئي إلى القبور ليحارب الذاكرة، وإلى المشانق ليقمع الأحياء”.
وبين أنّ النظام في الأسابيع الماضية أعدم المجاهدَين بهروز إحساني ومهدي حسني، وأصدر أحكاماً بالإعدام بحق عدد آخر من أنصار مجاهدي خلق، مبيّناً أنّ تدمير مقابر الشهداء يأتي في السياق نفسه: “ترويع الداخل من جهة، ورفع معنويات قواته المنهارة من جهة أخرى. لكنّ النتيجة عكسية، لأنّ كل هذه الجرائم لا تُظهر إلا الخوف العميق من المعارضة المنظمة”.
وأكد داعي الاسلام أنّ هذه الممارسات ليست مؤشراً على قوة النظام بل على ضعفه البنيوي، قائلاً: “أي مراقب منصف يرى أنّ الإعدامات وتخريب القبور ليست سوى اعتراف صارخ بأنّ العدو الحقيقي للنظام هو الشعب الإيراني ومقاومته. فلو كان النظام مطمئناً، لما احتاج إلى نبش القبور أو شنق السجناء السياسيين”.
وفي معرض تحليله للأبعاد الإقليمية، قال داعي الاسلام: “كلما أصبح خامنئي أضعف داخلياً، زاد اعتماده على شبكة وكلائه في الخارج. لذلك فإنّ مواجهة نظام الملالي لا تقتصر على الداخل الإيراني فحسب، بل يجب أيضاً أن تشمل فضح برامجه التخريبية في المنطقة، سياسياً وإعلامياً، والعمل على نزع سلاح حزب الله، وهو مطلب الشعب اللبناني، وكذلك حلّ ميليشيات الحشد الشعبي في العراق”. موضحًا أنّ هذه الميليشيا لم تقدّم سوى خدمة لبقاء خامنئي عبر قمع شعوب المنطقة وإراقة دماء السوريين واللبنانيين، مؤكداً أنّ نزع سلاحها يعني عملياً قطع أذرع خامنئي الملطخة بالدماء.
وأشار إلى أنّ استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم شجّع الملالي على التمادي في الإعدامات والتخريب، داعياً الأمم المتحدة والدول الأوروبية إلى مواقف عملية لا تقتصر على البيانات الشكلية. وقال: “لقد أثبتت التجارب أنّ سياسة الاسترضاء والصمت ليست سوى ضوء أخضر للمزيد من الإرهاب والقتل. المطلوب اليوم خطوات ملموسة: إحالة ملف جرائم النظام إلى مجلس الأمن، ومحاسبة المسؤولين عن المجازر، والاعتراف بحق الشعب الإيراني ومقاومته في إسقاط هذا النظام وبناء جمهورية ديمقراطية حرة”.
وأردف: “محاولة طمس القبور لن تمنع الحقيقة من الظهور، بل ستعجّل بانهيار النظام. هذه القبور هي شاهدة على دماء طاهرة، وأيادي الملالي الآثمة لن تستطيع محوها من ذاكرة الشعب ولا من ذاكرة التاريخ”.
واختتم المعارض الإيراني تصريحه بالتأكيد على أنّ إيران تقف اليوم على مفترق طرق تاريخي: “كل إعدام، كل قبر يُدمّر، كل جريمة جديدة، ليست سوى مسمار جديد في نعش هذا النظام. الشعب الإيراني، مدعوماً بمقاومته المنظمة، هو الذي سيكتب الفصل الأخير من هذه القصة، قصة نضالٍ وصمودٍ سينتهي بإيران حرة، ديمقراطية، وغير نووية، تعيش بسلام مع شعوب المنطقة والعالم”.