اخبار العالم

الحرس الثوري الإيراني: تهديد متصاعد للأمن الأوروبي وضرورة التصنيف الإرهابي قبل فوات الأوان

شهدت بريطانيا مؤخرًا واحدة من أخطر العمليات الأمنية في تاريخها الحديث، حين تمكنت قوات خاصة بالتعاون مع شرطة مكافحة الإرهاب من اعتقال أربعة عملاء إيرانيين على صلة مباشرة بـ”الوحدة 840″ التابعة لقوة القدس في الحرس الثوري الإيراني. هذه العملية لم تكن استثناءً، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المخططات الإرهابية التي يقودها الحرس الثوري ضد المعارضين الإيرانيين والمجتمعات الأوروبية على حد سواء.
الحرس الثوري، الذي تأسس عام 1979 لحماية الثورة الخمينية، لم يعد مجرد مؤسسة عسكرية محلية، بل تحول إلى جيش موازٍ يسيطر على السياسة والاقتصاد والأمن في إيران، ويمتلك قوات برية وبحرية وجوية خاصة به، إلى جانب إشرافه على قوات الباسيج سيئة السمعة، والتي تلعب دورًا مركزيًا في قمع الاحتجاجات الداخلية. الأخطر من ذلك أن نفوذ الحرس تجاوز الحدود الإيرانية ليصل إلى أوروبا عبر شبكات سرية وميليشيات وكيلة مثل حزب الله والحوثيين، إضافة إلى خلايا نائمة في عواصم أوروبية.
تقارير استخباراتية بريطانية وأوروبية أكدت أن بعض المتورطين في المخطط الأخير دخلوا بريطانيا متخفين كلاجئين عبر قوارب الهجرة غير الشرعية، في مسار يُستغل بشكل متزايد من قبل الحرس لنقل عناصره وتخزين الأسلحة. عملية الاعتقال سبقتها مراقبة مطولة من جهاز MI5، وسط مخاوف من تنفيذ الهجوم في أي لحظة، وقد تم إحباط أكثر من 20 مخططًا إرهابيًا مرتبطًا بالحرس في بريطانيا وحدها خلال السنوات الأخيرة.
ورغم هذا السجل الخطير، لا يزال الحرس الثوري يتمتع بحرية الحركة في معظم أنحاء أوروبا. ففي حين صنّفت الولايات المتحدة وكندا والسويد الحرس كمنظمة إرهابية، لا تزال بريطانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي مترددة في اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة. الحجج القانونية التي تتعلق بالخدمة الإلزامية أو تعريف الإرهاب لم تعد مقنعة، إذ يمكن وضع استثناءات واضحة للمجندين الإلزاميين، كما أن قوة القدس التابعة للحرس تمارس الإرهاب العابر للحدود بنفس أساليب أخطر التنظيمات الإرهابية.
أما الذرائع الدبلوماسية حول “تعقيد المفاوضات النووية” فقد أثبتت العقود الماضية أنها بلا جدوى، إذ لم ينتج عنها سوى مزيد من العنف والتصلب من جانب النظام الإيراني. كلما تردد الغرب في اتخاذ موقف حازم، ازداد الحرس جرأة في تنفيذ عملياته، مستفيدًا من الثغرات القانونية والدبلوماسية، ومن العلاقات الاقتصادية التي أبقت النظام في السلطة رغم انتهاكاته.
لقد كلّف هذا التراخي الغربي الشعب الإيراني ثمنًا باهظًا، إذ ساعدت العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الأوروبية مع طهران على إبقاء هذا النظام القمعي في السلطة لأكثر من أربعة عقود، رغم ما يرتكبه من فظائع داخلية وخارجية. إن أمن المواطنين الأوروبيين ومستقبل الديمقراطية في القارة العجوز باتا على المحك، وكل يوم تأخير في تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية يزيد من احتمال وقوع هجمات جديدة قد تكون أكثر دموية ودمارًا.
لقد آن الأوان لأن تحذو بريطانيا والاتحاد الأوروبي حذو حلفائهم، ويصنفوا الحرس الثوري كمنظمة إرهابية. فكل يوم تأخير يمنح الحرس فرصة جديدة للضرب، ويُبقي أوروبا رهينة لابتزاز نظام لا يؤمن إلا بالعنف والتخريب. القرار الآن في يد القادة الأوروبيين، فهل يتحركون قبل فوات الأوان؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى