رسالة موجهة إلى أبناء الأقليات الدينية في سوريا
بقلم تادي عواد
نكتب إليكم هذه الرسالة في لحظة تاريخية تتسم بالتغيير والتحول. لقد انتصرت الثورة السورية قبل أسبوعين فقط، ولا يزال تحقيق الأمن الكامل يتطلب بعض الوقت. ومع ذلك، نتوجه إليكم اليوم لنناشدكم توخي الحكمة والحذر من محاولات بقايا مخابرات النظام السابق استغلالكم وزرع الشقاق بينكم وبين النظام الجديد.
لقد أثبتت الأحداث أن نظام الأسد لم يكن يومًا حاميًا للأقليات، بل كان يستغلها كوسيلة لتعزيز سلطته وقمع الشعب بأسره. وما حدث في لبنان خير دليل؛ إذ مارس سياسة “فرق تسد”، وضرب الأقليات بعضها ببعض حتى فرض هيمنته على الجميع. واليوم، يحاول من تبقى من أتباعه دفعكم نحو محرقة جديدة، دون أي اكتراث بمصيركم. فلا تسمحوا لهم بخداعكم أو استغلال مخاوفكم لتكرار مآسي الماضي.
وفيما يتعلق بالمظاهرات التي شهدتها بعض المناطق مؤخرًا، نسأل: أين كانت هذه الأصوات عندما كان النظام السابق يذبح السوريين ويمتهن كرامتهم؟ لماذا لم تُرفع حينها للتنديد بظلمه؟ لقد كان الخوف يسيطر عليكم آنذاك، أما الآن، في ظل نظام جديد يتيح حرية التعبير، نجدكم تستخدمون هذه الحرية ضد من يسعى لتحقيق العدالة والمساواة للجميع.
لقد قامت الثورة السورية لتحرير جميع السوريين دون استثناء أو تمييز بين طائفة أو عرق. وشارك فيها أبناء جميع المكونات. كما أوضح قائد الثورة أحمد الشرع: “لدينا علاقات جيدة مع المسيحيين والدروز، وقد قاتلوا معنا ضمن إدارة العمليات العسكرية.” لذا، يجب ألا تكون المظاهرات أداة لتعميق الانقسامات، بل وسيلة لتعزيز الوحدة والعمل المشترك لبناء سوريا الجديدة التي تقوم على أسس العدالة والمساواة واحترام الجميع.
إنها فرصتكم للمساهمة في مستقبل أفضل، فتعاونوا مع إخوتكم من جميع أطياف المجتمع لبناء وطن يحترم تطلعات الجميع. السوريون إخوة، وما يجمعكم أكبر بكثير مما يفرقكم. احذروا من دعاة الفتنة، واعملوا يدًا بيد من أجل غدٍ مشرق لسوريا جديدة تسودها الحرية والكرامة للجميع.