“ثورة جياع” ضد الحوثيين في صنعاء
أكدت مصادر محلية في صنعاء لـ”العرب” قيام الميليشيات الحوثية بحملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من الناشطات والطالبات في جامعة صنعاء التي اقتحمتها الأطقم الحوثية السبت، برفقة وحدات حوثية متخصصة في قمع المظاهرات النسائية يطلق عليها كتائب “الزينبيات”.
وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين استخدموا العصي الكهربائية ونفذوا حملة اعتقالات استباقية بين صفوف طلاب الجامعة التي كان من المفترض أن تنطلق منها إحدى المسيرات التي دعا إليها ناشطون في صنعاء تحت عنوان “ثورة الجياع”.
وترافقت حملات الاعتقالات والاختطافات الحوثية مع انتشار مظاهر مسلحة وعروض عسكرية في أهم ميادين وشوارع صنعاء التي يعتقد أنها كانت أماكن مفترضة لتجمع المتظاهرين، كما استبق الحوثيون ذلك بحملة إعلامية مكثفة هدّدت باستهداف أي مشارك في المظاهرات سواء كان رجلا أو امرأة.
وعكست حالة القلق الحوثية هشاشة الوضع الداخلي في مناطق سيطرة الميليشيات وتزايد النقمة والغضب تجاه ممارسات الحوثيين التي تسببت في مفاقمة الفقر والمجاعات وجمّدت الحياة المدنية والحقوق والحريات بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن المعاصر.
وأكد الصحافي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب” أن الميليشيات الحوثية وخصوصا في صنعاء تعيش حالة خوف غير مسبوقة، وهو ما عبرت عنه من خلال مظاهر الانتشار الأمني المكثف في المدينة وإعلان حالة الطوارئ القصوى بين صفوف أنصارها الذين انتشروا في كل شوارع وأحياء العاصمة ومنعوا أي تجمع بشري حتى لو كان تلقائيا.
وعن دلالات الحراك الشعبي في مناطق سيطرة الحوثيين بالرغم من حملات القمع والترهيب، لفت الجبري إلى أن خروج المواطنين ودعوتهم للتظاهر في العاصمة صنعاء تحت اسم “ثورة الجياع” رغم يقينهم بقمع الميليشيات، يؤكدان أن المواطن اليمني تحت سلطة الميليشيات الحوثية، أصبح أمان خيارين لا ثالث لهما، إما أن يموت جوعا وإما يموت بسلاح الحوثي، وهو مؤشر على تعاظم الرفض الشعبي لسلطة الميليشيا الحوثية واستعداد الشارع للانتفاضة في وجهها في أي لحظة.
وأضاف الجبري “صحيح أن خروج المواطنين وخصوصا من النساء كان محدودا بسبب التهديدات الحوثية التي سبقت موعد التظاهر بأيام، إلا أن هذا الحراك على المدى البعيد يمكن أن يكون شرارة ثورة جديدة ضد الميليشيا لا سيما أن هذا الحدث أنعش آمال الكثير من المواطنين ممن يئسوا وسلّموا أمرهم للواقع الذي تحكمه الميليشيات، كما أن الخوف وحالة القلق والطوارئ غير المعلنة التي أظهرتها سلطة الميليشيات في صنعاء من خلال نشر المئات من الجنود في ميدان التحرير وساحة جامعة صنعاء واستقدام العشرات من النساء ممن يسمونهن ‘الزينبيات’، أظهرا تخوفهم من أي تحرك شعبي ويقينهم بأن الشعب لا يزال يرفض سلطتهم ويسعى للخلاص منهم بكل الطرق”.
وفي تغريدة له على تويتر حمّل وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر، الحوثيين المسؤولية عن سلامة النساء المختطفات من قبل الميليشيات على خلفية الاحتجاجات، وقال عسكر “جماعة الحوثي مستمرة في غيّها، ونحملها المسؤولية الكاملة عن سلامة النساء اللاتي تم اعتقالهن اليوم في جامعة صنعاء من أي اعتداء أو عنف”.
وفي بيان له أدان التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن اختطاف المتظاهرات بصنعاء وطالب المجتمع الدولي بإنصافهن، واعتبر البيان أن “ما حدث من اعتداء ممنهج من قبل ميليشيات مسلحة طال طلابا وطالبات عزّل هو مؤشر خطير على تدهور حالة حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات، جراء استخدامها القمع والترهيب ضد المواطنين العزل ممن خرجوا للمطالبة بالعيش بكرامة ورفض التجويع وسياسة التركيع”.
ووفقا للتحالف المعني برصد الانتهاكات، فقد “قامت مجموعة مسلحة بينها نساء تابعات للميليشيا باختطاف عدد من الطلاب والطالبات بعد الاعتداء عليهم بالهراوات والعصي الكهربائية في بادرة خطيرة خارجة عن العرف والعادات والقيم المجتمعية المحلية ومخالفة للقوانين الإنسانية وحق التظاهر السلمي”.
وطالب التحالف “بسرعة إطلاق سراح جميع المختطفات دون قيد أو شرط، ومحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات”، كما اعتبر “تشكيل شرطة نساء وتسليطها ضد النساء هو ممارسة قمعية وانتهاك للحقوق”.
وفي ذات السياق استنكرت “رابطة أمهات المختطفين” اختطاف ميليشيا الحوثي الانقلابية لعدد من النساء المحتجات على تدهور الأوضاع المعيشية بصنعاء.
ووصفت الرابطة في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية “مثل هذه الجرائم تعتبر جديدة وخارجة عن عادات وتقاليد وقيم المجتمع اليمني المحافظ، فهذه الانتهاكات غير المسبوقة في مجتمعنا اليمني والذي يعلّي مكانة المرأة، ويجرّم الاعتداء عليها أو المساس بها.
صحيفة العرب