لبنان يواجه التعثر إذا تعذر عليه سداد دين مستحق
يواجه لبنان وربما للمرة الأولى تهديداً جدياً بالوصول إلى التعثر والعجز عن سداد دين يستحق لحاملي السندات اللبنانية بالدولار الأميركي في 9 مارس (آذار) المقبل، بعدما عكست مواقف صدرت أخيراً عن مسؤولين ماليين عجزاً عن تأمين التمويل الكافي للسندات البالغة قيمتها مليار ومئتي مليون دولار أميركي.
وكانت معلومات ترددت في الأوساط المالية والمصرفية مفادها أن المصرف المركزي نجح في تأمين تغطية لما يقارب 50 في المئة من حجم الإصدار، أي نحو 600 مليون دولار أميركي، ما أعطى إشارات إلى أن السلطات قد تلجأ إلى إجراء عملية استبدال. وهذا ما آثار المخاوف من أن تؤدي مثل هذه العملية إلى دفع وكالات التصنيف الائتمانية إلى خفض جديد لتصنيف لبنان الائتماني. والسبب أن مثل هكذا عملية تأتي في ظروف سياسية ومالية غير مستقرة، ووسط مخاوف حقيقية من انهيار ستتعرض له البلاد نتيجة غياب أي معالجات جدية للأزمة القائمة وانسداد أفق وصول أي تمويل خارجي محتمل.
وقد جاء اقتراح حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة بإجراء مبادلة لحاملي السندات المحليين، وهم في غالبيتهم من المصارف اللبنانية، في حين يتم الدفع لحاملي السندات الأجانب عند الاستحقاق، بهدف عدم الوقوع في التعثر. لكن الاقتراح لم تتجاوب معه وزارة المال، بل طلبت تأجيله. وتبع ذلك اجتماع مالي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري مع الحاكم ووزير المال في حكومته علي حسن خليل، خلص فيه الحريري إلى القول، رداً على سؤال صحافي إذا كانت الحكومة المستقيلة ستعمد إلى إجراء عملية استبدال الدين، بأن الأمر متروك للحكومة الجديدة. وكان الحريري يتحدث عشية اليوم المزمع أن تعلن فيه ولادة الحكومة العتيدة، وفق الأجواء التي سادت في حينه، أي عشية يوم الخميس الماضي.
لماذا سقط اقتراح الحاكم؟
صحيح أن اقتراح الحاكم رمى إلى إيجاد المخرج بالمبالغ المتوافرة لديه من أجل الحؤول دون الذهاب إلى التعثر، لكن كان دونه عقبات عدة، لا سيما في الجانب القانوني، وفق ما يشرح لـ “اندبندنت عربية” مصدر قانوني. إذ يقول إن إجراء انتقائية في تجزئة الإصدار غير ممكن من دون إجازة قانونية. كما أن الانتقائية بين حملة السندات من المحليين والأجانب لا تبعث بإشارات جدية إلى الأسواق ولا سيما المحلية، ولا تعزز الثقة بالأوراق اللبنانية، أو بالدولة اللبنانية التي بلغت مرحلة العجز عن السداد.
وهذا الواقع دفع وكالة “فيتش” الائتمانية إلى التحذير عبر كبير المحللين لديها جيمس مكورماك من إمكان تخلف لبنان بطريقة ما عن سداد ديونه، وأن نوعاً من إعادة الهيكلة هو “أمر محتمل”، مشيراً إلى أن التعريف لحالة الديون المتعثرة هو عندما يكون هناك تغيير جوهري في شروط السداد، ويشمل ذلك مد أجل الاستحقاق أو الموعد النهائي للسداد لتجنب التخلف عنه.
وأخطر ما في تصريح المحلل الدولي أن وصول لبنان إلى هذا الوضع، يرجح أن يخفض التصنيف إلى “C”، وعند اكتمال التبادل من المرجح خفض التصنيف إلى “RD”، وهو التعثر المحدود. وهذا يعني أن الوكالة التي أطلقت تحذيرها هذا، تتجه إلى خفض التصنيف فيما لو تعذر على لبنان سداد دينه.
المصدر: اندبندنت