كلفة تدخل “حزب الله” في الصراع بين واشنطن وطهران ستكون عالية على لبنان
منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلغاء الإعفاءات الممنوحة للدول المستوردة للنفط الإيراني في 22 أبريل (نيسان) الماضي، بغية “تصفير” صادرات طهران من تلك المادة الحيوية، اتجهت الأنظار إلى منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، إذ شهدت تصاعداً في التوتّر مع استقدام واشنطن تعزيزات عسكرية، وتهديد النظام الإيراني بإغلاق مضيق هرمز الذي يشكّل عصباً أساسياً في تجارة النفط العالمية، وتعرّض 4 ناقلات نفط في المياه الإماراتية وأنابيب نفط سعودية لاعتداءات تخريبية.
هذا التوتّر الذي ترافق مع تضارب التصاريح المهدِدة وتلك المطمئِنة حيال احتمالات نشوب حربٍ ستتحوّل حكماً إلى مواجهة إقليمية في حال اندلعت، سلّط الضوء على الدور المرجح لميليشيا “حزب الله” في تلك الحرب.
المعاناة المالية والإجراءات التقشفية
وفي هذا الإطار، يعاني “حزب الله” اليوم من آثار العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، إذ طالت شريانه المالي وأحكمت القبض عليه، ما اضطره إلى اتخاذ إجراءات تقشفية، طالت جيوب مقاتليه ومناصريه.
وفضلاً عن العقوبات الأميركية المباشرة على “حزب الله”، التي طالت شركات ومؤسسات وجمعيات ورجال أعمال مرتبطين بالحزب، الذي تضاءلت حصته من الأموال الإيرانية، بعد تقلّصها بشكل كبير جرّاء اشتداد الأزمة الاقتصادية في البلاد، بعيد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، معيدةً فرض العقوبات على طهران.
التدابير طالت قناة “المنار”
وفي هذا الصدد، كشف موظف في إحدى الوحدات الإدارية للحزب، لم يكشف هويته، لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، بأنّ إجراءات التقشف شملت تسريح مقاتلين ومنحهم إجازات غير مدفوعة أو نقلهم إلى الاحتياط، حتى أن الحزب سحب عدداً من عناصره المتمركزين في سوريا، حيث شكّل سنداً أساسياً للنظام السوري منذ اندلاع الثورة عام 2011.
وبينما لا يزال المقاتلون المستمرون في الخدمة ينالون رواتبهم كاملة، إلا أن امتيازات الغذاء والوقود والنقل والأدوية التي اعتادوا نيلها وعائلاتهم، أُلغيت. ونقل التقرير، الذي نُشر يوم السبت 18 مايو، عن مصادر في “حزب الله” قولها إن عدداً من موظّفي قناة “المنار” التابعة للحزب أقيلوا، كما أوقفت بعض برامج المحطة.
“الجهاد بالمال” عبر جمع التبرّعات
ووفق تقرير “واشنطن بوست”، يقرّ مسؤول رفيع المستوى في “حزب الله” بأنّ العقوبات الأميركية على إيران دفعت الحزب إلى تقليص نفقاته، غير أنه أكد في الوقت عينه أن “الحزب” يعتزم تنويع مصادر دخله، في محاولة لـ”تحويل هذا التهديد إلى فرصة” لإيجاد مصادر تمويل أخرى.
وبهدف مواجهة الصعوبات المالية، دعا نصرالله في مارس (آذار) الماضي، مناصريه إلى “الجهاد بالمال”، فانطلقت حملات لجمع التبرّعات للحزب، شملت نشر صناديق كُتبت عليها شعارات من قبيل “التبرعات تمنع وقوع الكارثة”. كما ثُبتَت هذه الصناديق على أغطية شاحنات مزودة بمكبرات صوت تدعو إلى التبرّع، وتجول في المناطق الموالية للحزب.
العقوبات تلاحق حزب الله
وفي آخر مساعيها لتقويض حزب الله و”تجفيف” تمويله، فرضت واشنطن في أبريل الماضي عقوبات جديدة على كيانات مرتبطة به، وأعلنت عن تقديمها مكافآت مالية تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار لمَن يدلي بأي معلومات عن نشاطاته المالية.
وتجهد وزارة الخزانة الأميركية في تفكيك شبكات “حزب الله” المالية القائمة على أعمال مشروعة ظاهراً، بينما تُستخدم حقيقةً للتغطية على نشاطاته العسكرية.
وأتى قرار المكافآت المالية الأميركية بعيد تلقّي حزب الله ضربةً من بريطانيا، التي صنّفته بجناحيه العسكري والسياسي “منظمةً إرهابية”، وحظرت وجوده على أراضيها.
إيران تواصل تسليح الحزب
وفيما يعاني مناصرو ومقاتلو “حزب الله” من تداعيات الضائقة الاقتصادية المفروضة على إيران، بما يطال لقمة عيشهم، ما زالت طهران تصدّر السلاح إلى الحزب وتغرقه في الصراعات الخارجية، بدءاً من سوريا مروراً باليمن ووصولاً إلى العراق.
وآخر ما كُشف عن مساعي إيران لتسليح الحزب، كان تزويده بقطع نظام تحديد المواقع العالمي “GPS”، عبر حقائب تُحمل باليد، تسمح إضافتها إلى صواريخ غير موجّهة، بتحويلها إلى صواريخ عالية الدقة. وتفادياً لاعتراض هذه الصواريخ من قبل الإسرائيليين أثناء نقلها براً عبر العراق وسوريا، لجأت إيران إلى تزويد “حزب الله” بالأجهزة اللازمة ليقوم هو بتجهيزها في مصانعه السرية، وفق ما جاء في تقرير نشرته مجلة “مودرن دبلوماسي” في مارس الماضي.
المصدر : “اندبندنت عربية”