تحت المجهر

زعماء أضاعوا البوصلة…

بقلم تادي عواد

منذ سنوات، شكّل “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” قطبين أساسيين في المشهد السياسي اللبناني. الأول اندفع بقوة “تسونامي” شعبي في انتخابات عام 2005، والثاني قُدِّم كتيار عابر للطوائف، امتدّ من الشمال إلى الجنوب، ومن بيروت إلى البقاع. لكن بين الأمس واليوم، تحوّل المشهد إلى ما يشبه ركام مشروعين فقدا المعنى والاتجاه.

التيار العوني: من “نحن” إلى “مين بعدو؟”
في ذروة سطوته، كان “التيار الوطني الحر” يختار رؤساء جمهورية، ويملأ الوزارات، ويتباهى بتمثيله لغالبية المسيحيين. أما اليوم، فيتنقّل باحثًا عن مختار فائز يتبنّاه ويعدّه إنجازًا، وكأن معاركه الكبرى تقلّصت إلى أزقّة بلدية وفرعية. تراجعٌ لا يقتصر على الشعبية فحسب، بل يشمل الهيبة والقدرة على التعبئة، والسبب؟ انفصالٌ عن الواقع، وتمسّك بخطاب خشبي لم يعد يُقنع أحدًا.

تيار المستقبل: انحسار المدّ الأزرق
أما “تيار المستقبل”، الذي كان يُعدّ تيارًا على “امتداد الوطن”، فقد بات يحتفل بخرق يتيم ضمن لائحة “بيروت بتجمعنا”. تيارٌ اجتاح العاصمة ذات يوم، واليوم يكتفي ببقايا حضور مجزّأ وموسمي، لا يتحرّك إلا عند كل استحقاق انتخابي، وكأنه عائد من سبات. انسحاب رئيسه سعد الحريري ترك فراغًا لم يُملأ، لا بالرؤية ولا بالقيادة، فتحوّل التيار إلى شبح ماضيه.

فقدان البوصلة… فوضى الاتجاه
المشكلة لا تكمن فقط في خسارة الأصوات أو المقاعد، بل في فقدان البوصلة السياسية. اليوم، تلهث هذه القوى خلف تحالفات ظرفية ونجاحات شكلية. زعماء لم يفهموا تحوّلات الناس، ولا غضب الشارع، ولا انقلاب المزاج العام. فاختاروا الجمود بدلًا من التجديد، وتجاهلوا القراءة الذاتية والمحاسبة، فخسروا القاعدة… وضاعت الهوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى