تحت المجهر

بالآخر… ما بيصحّ إلا الصحيح

بقلم تادي عواد

بعد أكثر من خمسين عامًا من النضال، والتضحيات، والملاحقات، ها هو المجتمع اللبناني – وبالأخص المسيحي – يبدأ أخيرًا بإنصاف سمير جعجع. ذاك الرجل الذي ثبت على مواقفه يوم تبدّلت الموازين، وتمسك بثوابته يوم راج البيع في سوق المساومات. لأنّه، وكما علّمتنا الأيام، “ما بيصحّ إلا الصحيح”.

انتهى زمن الوهم الذي باعوه للناس تحت عناوين “الإصلاح والتغيير”. وها هو التيار العوني، وقد سقط قناعه، يظهر على حقيقته: مشروع سلطة على أنقاض الوطن، وأداة بيد محور خارجي جعل من لبنان ساحة لتصفية الحسابات، لا دولة لأبنائه. أحرقوا المجتمع من أجل كرسي، وأحرقوا البلد لأجل توقيع على ورقة تفاهم مع نظام الممانعة.

لكن الشعوب لا تُخدع إلى الأبد. فها هو المجتمع المسيحي، الذي أُغرق بالتضليل سنين طويلة، يصحو من كبوته، ويسترد وعيه الوطني. عاد الناس إلى خيارهم الطبيعي، إلى من يشبههم في الفكر، في المبادئ، في الشفافية والوضوح. فعادت “القوات اللبنانية” تتقدم في انتخابات الهيئات الطلابية في الجامعات، وتُحكم قبضتها الديمقراطية على المجالس المحلية في القرى والبلدات.

ما يجري اليوم ليس فقط تحوّلًا انتخابيًا، بل انتفاضة هادئة على زمن الانحدار. إنه تصحيح لمسار، وعودة إلى الثوابت التي حاولوا شيطنتها عقودًا. انتصار القوات ليس مجرد أرقام في صناديق الاقتراع، بل تعبير عن وجدان شعبي قرر أخيرًا أن يُعبّر عن نفسه بلا خوف، بلا مساومة، وبلا تسويات على حساب الكرامة والهوية.

ولعلّ الأهم: أن هذا التقدّم هو بداية استرجاع الدور المسيحي الحر والمستقل في معادلة الوطن، بعيدًا عن منطق التبعية و”المنافع”. مرحلة جديدة تُكتب بحبر الشجاعة، وتحمل عنوانًا واضحًا: لا صوت يعلو فوق صوت الحقيقة، ولا ولاء يعلو فوق ولاء لبنان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى