بين مليونية ثورة الأرز ومليونية تشييع نصرالله: أوهام القوة والواقع السياسي

بقلم تادي عواد
يواصل حزب الله خداع نفسه وجمهوره بمحاولة إيهام اللبنانيين بأن حشده لمليون شخص في تشييع أمينه العام، حسن نصرالله، يُعدّ انتصارًا سياسيًا. لكن الحقيقة الواضحة هي أن هذا الاستعراض العددي، مهما بلغ حجمه، لن يغيّر شيئًا في المعادلة السياسية، ولن يكون سوى عرض أجوف يفتقر إلى أي تأثير حقيقي في مشهد لبناني يتجه بعكس تطلعات الحزب ومشروعه الإيراني.
يحلم حزب الله بإعادة إنتاج مشهدية 14 آذار 2005، لكن الفارق بين المشهدين شاسع. في 14 آذار، كان الحشد الشعبي تعبيرًا عن إرادة وطنية حقيقية فرضت نفسها على الأرض، وأجبرت الاحتلال السوري على الرحيل. أما اليوم، فإن “مليونية” الحزب ليست سوى وهم رقمي، يجمع عناصره وأتباعه، ويستعين بحشود مستوردة من إيران والعراق واليمن، في محاولة يائسة لإظهار نفوذه المتهاوي وكأنه ما زال في أوج قوته.
المعادلات الإقليمية تغيّرت، والمناخ الدولي لم يعد مساندًا لمغامرات الحزب. لم تعد التوازنات تصبّ في مصلحته، وأدواته التي استخدمها لسنوات لترهيب الداخل وفرض هيمنته تتآكل بسرعة. فقد ولّى زمن استعراضات السلاح ورفع الشعارات، ولم يعد تراجع نفوذ الحزب داخل لبنان خافيًا على أحد، حتى داخل بيئته الحاضنة التي باتت تعاني من أثمان سياساته المتهورة.
فهل يظن حزب الله أن بإمكانه فرض إرادته بمجرد ملء الشوارع؟ أم أن الواقع الجديد، الذي لم يعد يأبه بعدد الأجساد في الجنازات، سيطيح بأوهام القوة ويضع الحزب أمام حتمية التراجع؟