فشل نواف سلام.. هل خُدع اللبنانيون مجددًا؟
بقلم تادي عواد –
لم يكد يمر وقت طويل على تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة حتى بدأت علامات الاستفهام تتكاثر حول أدائه، ليتحول من “مرشح الإصلاح والتغيير” إلى مجرد امتداد للعبة المحاصصة والتسويات التي أوصلت لبنان إلى الحضيض. فهل نحن أمام خدعة جديدة تم تمريرها بلبوسٍ إصلاحي، أم أن الرجل، ببساطة، لم يكن يملك من الاستقلالية شيئًا منذ البداية؟
قوى التغيير في صدمة: من دعمناه أصبح ضدنا؟
منذ اللحظة الأولى، خاضت قوى التغيير معركة شرسة لتكليف سلام، معتبرةً أنه الرجل المناسب لإنهاء هيمنة الطبقة السياسية الفاسدة. لكنه، وبعد نيله التكليف، تصرف وكأن القوى التي دعمته لا وجود لها، في حين بدأ بتقديم التنازلات والرضوخ لمطالب القوى التقليدية، وعلى رأسها “الثنائي الشيعي”. فهل كان ترشيحه مجرد خدعة محكمة للإبقاء على منظومة الفساد، ولكن بوجوه جديدة؟
المفارقة أن سلام، الذي رفع شعار الإصلاح، بات يتعامل مع القوى التغييرية وكأنها خصمه، بينما يفتح قنوات التفاهم والتسويات مع الجهات التي زعم سابقًا أنه سيواجهها. وكأن المطلوب من قوى التغيير أن تصدّق وعوده الفارغة، بينما يوزع المناصب والمكاسب على حسابها!
تنازلات مخجلة للثنائي الشيعي!
من غير المفهوم كيف يمكن لرئيس حكومة مكلَّف أن يقدّم كل هذه التنازلات لفريق لم يتغير نهجه قيد أنملة. فـ*”الثنائي الشيعي”*, الذي يدّعي البعض أن سلام يسعى لمواجهته، هو نفسه الذي يمنحه اليوم امتيازات في تشكيل الحكومة، سواء في وزارة المالية أو غيرها. فهل سلام رئيس حكومة للإنقاذ أم مجرد منفذ للأجندة التي أرادها “الثنائي” منذ البداية؟
يبدو أن سلام لا يفهم أن اللبنانيين لم يعودوا يطيقون أسلوب “التسويات”, التي تعني في الواقع الخضوع للقوى التي أوصلت البلاد إلى الانهيار. أو ربما هو يفهم تمامًا، لكنه قرر أن يلعب اللعبة السياسية التقليدية حتى لو كان الثمن هو خيانة من دعموه.
إصلاحات على الورق… ومحاصصات في الكواليس!
لم يخفِ اللبنانيون أملهم في أن يكون تكليف سلام بداية حقيقية لكسر منظومة المحاصصة، لكن ما حدث هو العكس تمامًا. الرجل يتحدث عن الإصلاحات، بينما يمارس كل ما يتناقض معها: استبعاد القوى السيادية والإصلاحية، تقديم التنازلات، والتعامل مع تشكيل الحكومة وكأنه توزيع غنائم لا مشروع إنقاذي.
كيف يمكن لشخص بهذه العقلية أن يقود لبنان في مرحلة حرجة؟ وهل يعتقد سلام أن الشعب سيقبل مجددًا بحكومة “ترضيات” تُدار بنفس النهج القديم، بينما البلاد تغرق أكثر فأكثر؟
هل يظن نواف سلام أن اللبنانيين أغبياء؟
إذا كان الرئيس المكلَّف يظن أن بإمكانه تمرير تشكيل حكومة خاضعة لمنظومة الفساد تحت غطاء “الإصلاح”, فهو لا يعرف الشعب اللبناني جيدًا. اللبنانيون لم يعودوا يقبلون بالوعود الفارغة، ولم يعد بالإمكان تسويق أي حكومة شبيهة بتلك التي سبقتها على أنها “حكومة تغيير”.
إن الاستمرار في هذا النهج يعني أن سلام لا يختلف في شيء عن الذين سبقوه، بل ربما يكون أسوأ، لأنه جاء بغطاء إصلاحي لكنه اختار منذ اللحظة الأولى أن يكون جزءًا من لعبة السلطة نفسها التي وعد بتغييرها.
نواف سلام أمام لحظة الحقيقة
إما أن يصحح الرجل مساره فورًا ويعود إلى التزاماته الحقيقية تجاه قوى التغيير والإصلاح، وإلا فسيجد نفسه في مواجهة غضب شعبي لن يرحمه. اللبنانيون تعبوا من الوعود الكاذبة، ولن يسمحوا بأن يتحول سلام إلى مجرد أداة أخرى في أيدي منظومة الفساد. فهل يتراجع قبل فوات الأوان، أم أنه اختار أن يكون مجرد فصل جديد من خيبات الأمل التي اعتادها اللبنانيون؟