لبنان بين احتضانه عربياً وعالمياً ورضوخه لحزب الله: خيانة أم عجز؟
بقلم تادي عواد –
لا تزال عودة لبنان إلى الحضن العربي والعالمي حلماً بعيد المنال، ليس بسبب غياب الفرص، بل بسبب تعنّت بعض القوى السياسية التي تفضّل خدمة مصالح حزب الله والثنائي الشيعي على حساب مشروع الدولة القوية والقانون العادل.
نواف سلام: وعود الدولة وسياسات الرضوخ
عندما كُلّف نواف سلام بتشكيل الحكومة، حمل معه وعودًا بإرساء دولة القانون، وإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي كدولة ذات سيادة تحظى بدعم محيطها العربي والدولي. لكن ما الذي حدث؟ تحوّلت هذه الوعود إلى مجرد شعارات جوفاء أمام سياسات الإرضاء والخضوع لهيمنة حزب الله.
فبدلاً من تشكيل حكومة تعكس روح الإصلاح والسيادة الوطنية، نرى حكومة تُفصَّل على مقاس المصالح الحزبية، حيث يُصر سلام على إرضاء الثنائي الشيعي، متناسياً أن هذه الترضيات هي التي أوصلت لبنان إلى الانهيار، وحرمته من أي فرصة للانتشال من مستنقع العزلة السياسية والاقتصادية.
حزب الله: العائق الأساسي أمام لبنان العربي والدولي
لا يمكن الحديث عن مستقبل لبنان من دون الإشارة إلى الدور التخريبي لحزب الله، الذي جعل من الدولة رهينة لمشاريعه الإقليمية. كلما سنحت فرصة لإنقاذ لبنان، يأتي الحزب ليعرقلها، مفضلاً البقاء كأداة إيرانية بدلاً من كونه حزباً لبنانياً يخدم مصلحة الوطن.
إن إصرار نواف سلام على مراعاة حزب الله ليس مجرد خيار سياسي، بل هو مساهمة مباشرة في إبقاء لبنان في دائرة العزلة. فالدول العربية والعالمية لن تمد يد العون لدولة تُدار من قبل ميليشيا مسلّحة تتحدى القرارات الدولية، وتحارب اقتصادها بنفسها عبر التهريب والسيطرة على المعابر والمؤسسات.
دولة القانون أم دولة الميليشيات؟
حين وافق سلام على التكليف، توقع كثيرون أنه سيكون رأس الحربة في مشروع استعادة الدولة، لكنه اختار طريق المهادنة والمساومة، ليصبح شريكاً – سواء بقصد أو بغير قصد – في استمرار نهج الفساد والخضوع للمحاور الخارجية.
كان بإمكانه اتخاذ موقف واضح: إمّا تشكيل حكومة مستقلة فعلياً، أو الاعتذار عن التكليف، لكنه بدلاً من ذلك اختار التماشي مع قوى الأمر الواقع. فكيف يمكن بناء دولة القانون في ظل هيمنة السلاح غير الشرعي؟ كيف يمكن للبنان أن يستعيد موقعه وهو يدار بعقلية الترضيات والتسويات على حساب سيادته؟
لبنان رهينة التخاذل السياسي
إن تأخر عودة لبنان إلى الحضن العربي والدولي ليس قضاءً وقدراً، بل نتيجة طبيعية لعقلية سياسية فاشلة، تضع المصالح الحزبية فوق مصلحة الدولة. نواف سلام، الذي كان من المفترض أن يكون رجل القانون والمؤسسات، اختار طريق الخضوع والضعف، مضيعاً فرصة تاريخية لاستعادة لبنان.
لبنان لا يحتاج إلى مزيد من الرضوخ، بل إلى قادة يملكون الجرأة لقول “لا” في وجه السلاح غير الشرعي، والوقوف بحزم أمام مشاريع الهيمنة الإيرانية. أما من يختار السير في ركاب حزب الله، فليتحمل مسؤولية إبقاء لبنان في الظلام.