ديبلوماسيون غربيون وعرب: عون واجهة نصرالله لتعطيل تشكيل الحكومة
لا تقتصر الجولات الديبلوماسية لسفراء غربيين وعرب على المسؤولين اللبنانيين، على مسألة تشكيل الحكومة فقط. فالدبلوماسيون يسألون عن خطة هذه الحكومة، وكيف يمكنها العمل. لأن أي حكومة تتشكل لن يسهل عليها الشروع في تطبيق برنامج إصلاحي يتلاءم مع شروط المجتمع الدولي.
شرق نصرالله
لماذا هذا الكلام؟ لأن الكلمة الأخيرة لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، كانت محط اهتمام خارجي واسع، ليس في دعوته إلى حكومة تكنوسياسية، بل في مسألة مقاربته البرنامج الاقتصادي لتلك الحكومة: عودته إلى الكلام عن التوجه شرقاً.
وموقف نصر الله هذا دفع السفراء مجدداً إلى الاقتناع بأن نصرالله وحزبه لا يزالان بعيدين عن الشروط الدولية للإصلاح المنشود. وهذا ما أكده حديثه عن رفضه التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشروطه، داعياً لبنان إلى فرض الشروط، أو التوجه شرقاً.
وهذا ما ترى الجهات الدبلوماسية الدولية أنه يخرج على السياق الفعلي للإصلاح، ويجعل الحكومة المرتقبة حلبة اشتباك بين توجهات سياسية واقتصادية ومالية متضاربة. فلا تستطيع، كالعادة، اتخاذ أي قرار، نتيجة انعدام انسجامها وتضارب توجهاتها. وقد تكون مثل حكومة حسان دياب، أو أي حكومة أخرى تتجاذبها تناقضات سياسية لا تسمح لها باتخاذ أي قرار.
لذا يبدي السفراء والدبلوماسيون اهتماماهم ببرنامج الحكومة العتيدة، بعد تجاوز جزئيات الخلاف على شكلها وحجمها والمحاصصة بين القوى اللبنانية.
عون واجهة حزب الله
وأرسل معظم السفراء تقاريرهم عن نتائج لقاءاتهم بالمسؤولين اللبنانيين في الأيام الأخيرة. وهي ستكون حاضرة في الاجتماع الأوروبي – الأميركي المخصص لبحث معضلات الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني.
وسجلت التقارير الدبلوماسية أن القوى اللبنانية لا تزال عالقة في التعطيل المتمثل بشروط رئيس الجمهورية ميشال عون. والدبلوملسيون صاروا مقتنعين بأن شروطاً أخرى ستبرز على السطح، منها ما يتعلق بشكل الحكومة، وأخرى بمضمونها.
وعندما قدم الرئيس نبيه بري مبادرته – قبل أن يرفضها رئيس الجمهورية – تساءل الدبلوماسيون: هل يتدخل حزب الله للضغط على عون وإقناعه بتلك الصيغة؟ وعلى الرغم من تفاوت الآراء في ذلك، يقول مصدر دبلوماسي إنه أصبح على قناعة بأن حزب الله لا يريد تشكيل حكومة حالياً. وهو يحاول كسب المزيد من الوقت، ويستثمر في مواقف عون التعطيلية.
أما في حال أُحرِج عون كثيراً وأُجبر على التراجع أو القبول، فقد يخرج أرنب جديد للتعطيل: توزير نواب اللقاء التشاوري، أو ضرورة الاتفاق على النهج الاقتصادي للحكومة قبل تشكيلها. وهذا يعني، حسب القراءة السياسية، نزع صفة “المهمة” عن الحكومة، وإدخالها في مبارزات جديدة بعيدة عن الشروط الدولية. وهذا ما يدفع الدبلوماسيين إلى الاعتقاد بأن حزب الله لا يريد تشكيل حكومة في هذه المرحلة، ولذلك يستثمر بشروط عون.
بدع عونية جديدة
ويبرع عون في إخراج العقد من جيبه، عقدة تلو أخرى. فبعد عقدة الثلث المعطل، التي تمّ الالتفاف عليها بطرح توسيع الحكومة إلى 24 وزيراً، لجأ التيار العوني إلى نغمة جديدة: ادعاؤه بأنه يمانع حصول رئيس الحكومة المكلف على نصف الوزراء زائد واحد في الحكومة. وهذه بدعة عونية جديدة تضاف إلى بدعه للتعطيل. والادعاء هذا يضع الحريري وبري وجنبلاط في حصة وزارية واحدة.
أما العقدة الثانية التي يحاول العونيون افتعالها فهي مطالبتهم بحصة من 7 وزراء في صيغة العشرين، أو بـ 9 في صيغة الـ 24. هذا فيما يدعي جبران باسيل أن تياره لا يريد المشاركة في الحكومة ولن يمنحها الثقة. وهو يحسب أن ادعاءه هذا يمكنه من استخدام مسألة الميثاقية ضد الحريري، لمنع التشكيل، أو لإضعاف حكومته المرتقبة.
والحريري مخطئ في حمله هذا الإدعاء الباسيلي على محمل الجد، لأن هناك أكثر من عشرين نائب مسيحي منحوه أصواتهم، وسيمنحون حكومته الثقة، وهم يشكلون ثلث المسيحيين في الحد الأدنى.
والخلاصة أن عون وباسيل لا يريدان الحريري رئيساً للحكومة. ويستخدمان الكثير من الادعاءات للتعطيل، من دون أي سند يمكنهم من تحقيق ما يريدونه
منير الربيع _ المدن