قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ. (بقلم عمر سعيد)
كانت لي مواقف كثيرة من شعار كلن يعني كلن في مقالات سابقة، وأشرت إلى أن القانون هو الذي يحدد معايير كلن، وليس هتاف الشارع، وبالتالي فكلن يعني تشمل سمير جعجع وغيره من خلال معايير القوانين التي تجرم الفاسد بجرمه، وليس أقل.
ولكن يبقى علينا أن نحدد القانون الذي سيطبق شعار كلن يعني كلن..
فهل هو قانون القرطة الحاكمة التي صفت وبالسلاح غالبية معارضيها الكبار؟!
أم أنه قانون ثورة تحابي الفاسد الغول، خشية كمية الدم والشر والأمونيوم التي يملكها ؟
ليس خفيا على الداني ولا على القاصي أن سمير جعجع قد تم توقيفه وبتهم، كانت تجيز لمن أوقفه قتله وتصفيته داخل التوقيف، وحصاد تأييد جماهيري انفعالي واسع على مستوى الوطن وخارجه شرقاً.
لكن لمَ لمْ تتم تلك المحاكمة والتصفية ؟
ببساطة لم تتم، لأن سمير جعجع لم يساوم، ولم يهادن، ولم يقبل التراجع، لأن وريده الأعزل العاري ظل يهَدِد حبل المشنقة، وهذا يذكرني ببيت شعري للشاعر عمر شبلي :
تقهقر قاتلي لما رآني
يقاوم حبل مشنقتي الوريد.
فلم يسمح القانون الكوني بذلك، وإن سهل الطريق لهم قانون القوة الحاكمة.
ذلك لأن يوسف خلال سجنه كان يؤمن أن سبعاً عجافاً سيحكمن ببراءته، وستعزه مصر التي أذلته وصايتها، يوم قال :
“صبر جميل والله المستعان”
فقد كان جعجع أول من رفع؛ ومن سجنه شعار كلن يعني كلنا، يوم آمن بأن سلطة الوصاية والاحتلال لا يمكن التنازل لها، فالعنق التي تنحني لهكذا سلطة؛ المشنقةُ أحق بها ما دام حبلها يحفظ الرأس مرفوعاً.
لقد وقف سمير جعجع في قوس الاتهام، فلم ما تمت محاكمته بتهم قتل، ولا فساد؟
ولم احتفظوا به حياً ؟!
ذلك لأن تجريمه زوراً وبهتاناً لن يمر مرور الكرام في مضمار التاريخ الأخلاقي.
ولأنهم كانوا يعلمون جميعاً أن كذبهم وزيفهم لن يصمد أمام حقيقة نضال هذا الرجل وتضحياته تجاه أهله المسيحيين، ومن ورائهم اللبنانيين، إذ لا وجود للبنانيين بغير المسيحيين.
وغدا وقريباً جداً، سيتذكر الكثيرون من رافعي هذا الشعار بيتاً شعرياً لابن سهل الأندلسي يقول فيه :
” تاقت إليك عجافٌ أنت يوسفها
هلّا رميتَ على العُميان قُمصانا ”
لكن أن نسعى من خلال هكذا شعار إلى تفريغ العقول من حكمة التمبيز بين الغث والسمين، فهذا ما لم تقبلْ السماء، يوم قالت :
” قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث” المائدة ١٠٠
فكيف سترضى به الأرض, وهي التي تستصرخ السماء لنجدتها.
عمر سعيد