سِجال (بقلم كوثر الزين)
قال يوما : أحبّكِ لأنّكِ أنثى .
قالت : و ما الأنثى ؟
– ( تاء) تِعِلّـتي ، و(نونُ) ناري و نرجسي .
كلما استدارت طوّقتها ؛ حتى ضاق المدار .
– و إن اختنقتْ ؟
– نشقتها شهوة فشهوة ، قبل أن يشنقها الذبول .
– وإن ذبلتْ ؟
-علّقتها خرَزة في ثوب ريح راحلة .
– و ما عمرها ؟
– مُضاف إليّ ، أجرّه حولي على عجَل مكسور .
– و عيناها ؟
– نقطتان أوّلَ تيهي ، تدرّبان النعاس .
– و ما آخر تِـيهك ؟
– موصول بأوّله .
– و إن حدّقتْ ؟
– فقأتُهما ؛ فصارت ضميرا متصلا بظلّي .
– و ما ظلّك ؟
– ضَلالي .
– وما مظلّتك ؟
– أُنْثى حانية.
– و إن رُفِعتْ ؟
– معتلّ آخرها كأوّلها ؛ لا تُرفع ُ ، ما لم أضُمَّها (إليّ).
– و إن انصرفت ؟
– ممنوعة من الصرف في حضرة تَرَفي .
– و إن فعلت ؟
– وهل يُنصب مفعول بغير فعلي ؟!
– و إن انشقّت ؟
– مِن أين لمُشتَقٍّ أن ينشَقَّ ؟!
– و هل تُشتَقّ الحياة من غير ذاتها ؟!
– مِن اعوجاج في ضلعي .
– أنت أصله إذا ؟
– ما فتئت أقوّمه ؛ تارة أجبره ، و تارة أكسره .
– و ما الحياة ؟
– قدر، حلو إن أذعن ، ومرّ إن استعصى .
– و ما الأنثى ؟
– سنبلة تشرئبّ فيها سنيني ؛
فإذا ما نهضتُ ، حَنَـيْتُ عُنُقها .
– لِمَ ؟
– لأؤازِرَ العاصفة .
– والسنبلة ؟
– أفترشها خلسة من عيون القمر؛
إلى أن تقرّ عين العتمة .
– ما الأنثى ؟
– لبن و عسل … حضن مراوغ للّعب و الكسل …
أو – إن شئتِ – رمل متحرّك ؛
يبتلعني كلما اختنق الهواء ؛ فأنسى …
– و إن بكتْ ؟
– تخنقني الرطوبة .
– و إن ضحكت ؟
– ماعَتْ ؛ فاستوعبت شوكي ،
واستغرقت ثماري .
– ما سرّها ؟
– مقصور و ناقص .
– و ما حكمتها ؟
– لغز ، أغرق فيه و أطفو .
لا يؤتمن .
لكن ، لا مناص من إبحاري .
– ما الأنثى ؟
– أَوَ لم أجبكِ ؟!
– كلاّ
– ما أنتِ ؟
– أنا أنتَ دون كسْر .
– ومتى يعرف النقيض بغير نقيضه ؟
– حين تخلع نعليك ، فيلبسك التراب .
– أنا أصل التراب .
– وأنا نبضه ؛ فلا تبلغ الجبال وَهْما .
اكسرْ مراياك الكواذب ،
واتبع نقاء الماء ؛ ترى ما لم ترَ .
– تبّا لمرآة لا أرانيَ فيها .
– تبّا لمرآة لا تريكَ سواك .
– مِنْ أيْنَكِ؟
– مِن فجر الماء…
– كيف الطريق ؟
– اقلع عمامتك الوصايا ؛
وادخل طفولة قلبك عاري النبض ؛ تجدني .
– لِمَ العُرْيُ ، وجِلدكِ عباءتي ، والجدائل خيمة !؟
– لِمَ الخيمة ، وسقف روحي سماء ؟!
– مَنْ أنتِ ؟
– أوَ تجهلني !؟
– ومتى عرفتكِ ؟
– أبصرني إذا .
-كفاني إليكِ النظر .
– اتحد ب (تاء ) أمّك ثانية ،
واغتسل بما تبارك من معين (نون)ها ؛
تنقى من إرث شوكك ؛ فتبصرني .
– أريدني متّحدا بكِ ، عَرَقا فعَرَقا .
– اغمض عينيك قلبا فقلْبا ؛
تَحْياني روحا فروحا .
– العين كأسي ،
فكيف أكسرها ؟!
– والقلب عنبٌ ،
فكيف لا تسقيه ؟!
– دعي العين تزهو ؛
حتى يبلغ االعرق ثمالته .
– دع العين تغتسل بماء التوبة تثمَلْ ،
و امش حافيَ الرأس ؛
تنزل منزلة المحبة .
– لِمَ النزول والعرش رفعة ؟!
– العرش فتنة،
انزل تكنْ ملكا .
– لمْ ،
ولا ،
و لنْ أريد
– أُغْرُبْ عن أنوثتي إذا ؛
حتى لا أكرهك .
كوثر الزين.. شاعرة و كاتبة تونسية مقيمة في فلسطين