700 ألف عائلة لبنانية بمواجهة الفقر والجوع والعوز
جسي طراد – اندبندنت
تحاصر الأزمة الاقتصادية اللبنانيين، فمن البطالة وإقفال المؤسسات والإجراءات الاحترازية التي طبقتها المصارف والتي فرضت قيوداً على الودائع، يطل ارتفاع الأسعار ليزيد المصاعب الحياتية والمعيشية للمواطن.
فمن لا يزال يعمل، يفعل ذلك بأقل من راتب كامل، ومع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية من 1515 ليرة للدولار، كسعر رسمي إلى 2000 ليرة للدولار بنسبة بلغت 33 في المئة، تفلّتت الأسعار في الأسواق وبلغت الزيادات حتى 50 في المئة، على بعض السلع المستوردة، كما زادت أسعار السلع المصنعة محلياً.
في المقابل، تقلّصت القدرة الشرائية في لبنان، وما يزيد من المأساة ضعف مستوى الرواتب، إذ تقدّر جهات رسمية أن 60 في المئة من القوى العاملة في القطاعين العام والخاص تتلقى راتباً يتحرك حول مستويات المليون ونصف المليون ليرة أي راتب كان يعادل 1000 دولار قبل الأزمة تراجع إلى 667 دولاراً حالياً.
ملاحقة رسمية قضائية للمتلاعبين بالأسعار
من جهة ثانية، كشفت مدير عام وزارة الاقتصاد عليا عباس لـ”اندبندنت عربية” عن أن وزارة الاقتصاد تدخّلت على خط الأزمة عبر توقيع محاضر ضبط بحق المخالفين، استناداً إلى كشف مختص أو بعد شكاوى المواطنين، وهي سطّرت حتى اليوم مئات من محاضر الضبط لتجار، وحتى موردين متلاعبين بالأسعار
وبنسب الربح الطبيعية لهم.
فشهرياً يجري 3300 كشف يختص بالأمن الغذائي، وأجرت الوزارة 1600 كشف في النصف الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
وتراجع الوزارة مع مصلحة حماية المستهلك الفواتير لتحديد نسب الربح وتحيل محاضر الضبط إلى القضاء ليبتّها ووضع الغرامات التي عادة ما تتراوح بين 5 ملايين ليرة (3300 دولار) وحتى 50 مليون ليرة (33 ألف دولار) .
صرف الدولار
وعن ارتفاع سعر صرف الدولار وحاجة التجار إلى شرائه من السوق الموازية، توضح عباس أن الوزارة تأخذ في الاعتبار الكلفة المترتبة لارتفاع سعر الصرف، لكنها تجد على الرغم من ذلك لدى بعض التجار ارتفاعات غير مبرّرة للأسعار، كاشفةً أنها تبحث حالياً وتماشياً مع الظروف الاستثنائية في أصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات لتمكين الوزراة بمؤازرة القضاء من إقفال محال متلاعبة بالأسعار بالشمع الأحمر.
كما تؤكد الوزارة أنها تكافح الاحتكار ولا تسمح بتخزين البضائع وهي تقوم بزيارات ميدانية لمستودعات للتأكد من حسن سير العمل، كما أنها لن تتساهل مع كل من يهدّد الأمن الاجتماعي، وستعمل الوزارة على خفض الأسعار فور عودة الانتظام للسوق، بخاصة سوق سعر صرف الدولار.
المنافسة تضبط ارتفاع الأسعار
في سياق متصل، يرفض نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة والزراعة في بيروت وجبل لبنان ونقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان الدكتور نبيل فهد، كل ما يُشاع حول وصول ارتفاع أسعار السلع في لبنان إلى مستوى 50 في المئة.
ويوضح أن بعض الشركات الكبيرة لم تلجأ حتى اليوم إلى رفع الأسعار، بينما لم يتخطَّ رفع الأسعار لدى المستوردين نسبة 20 في المئة.
ويرى أن تراجع الاستهلاك ولهفة التجار على البيع أي مبدأ المنافسة، هو العامل الأقوى للحد من أي تلاعب في الأسعار، إضافة إلى مراقبة وزارة الاقتصاد للفواتير.
أما بعض السلع الاستهلاكية السريعة كالحبوب والسكر والأرز، فتلك تتأثر مباشرة بسعر صرف الدولار الذي ارتفع 35 في المئة، وبالتالي زادت أسعارها بسرعة بنسب تتحرك حول 40 في المئة كحد أقصى.
ويؤكد فهد أن لا احتكار في المواد الاستهلاكية، كما لا خوف من نقص في البضائع كما كان يُشاع. فالتاجر المستورد يلجأ اليوم إلى السوق السوداء لشراء دولاراته لسداد قيمة البضائع، “وطالما أن الدولار موجود ولو بسعر أعلى، ستبقى البضائع متوفرة، ولا خوف من الجوع أو احتكار مواد أساسية، ولا كارتيلات مواد أغذية، انطلاقاً من مبدأ السوق المفتوحة والمنافسة الشرسة على القدرة الشرائية المتراجعة للمواطن”.
ويرى أن الأسعار ستتراجع، فور تراجع سعر الصرف وتلقائياً، موضحاً أن التجار يعانون أيضاً من رسم 3 في المئة أُضيف على السلع المستوردة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفوائد على القروض في البنوك من 7 في المئة إلى 12 في المئة، ما يبرّر أيضاً ارتفاع أسعار السلع النهائية المعروضة للبيع إلى المواطن.
إذاً ارتفعت الأسعار وبنسب جنونية، والمواطن دائماً يدفع ثمن الإخفاقات السياسية والاقتصادية من جيبه الخاص، وإنّما هذه المرة ومع ارتفاع نسب البطالة إلى أكثر من 40 في المئة، أي أكثر من 400 ألف عائلة من إجمالي مليون يد عاملة في القطاع الخاص، أصبحت من دون مدخول، يُضاف إليها خفض الرواتب الذي طال أكثر من 50 في المئة من القوى العاملة المتبقية أي 300 ألف عائلة، يصبح الواقع اليوم وبالأرقام، يتحدث عن 700 ألف عائلة لبنانية بمواجهة الفقر والجوع والعوز.