ازدواجية الخطاب اللبناني تقود إلى الانهيار الشامل

بقلم تادي عواد
لبنان لم يعد يحتمل الكذب السياسي. فيما تطلب الحكومة الدعم من دول الخليج، متذرعة بالانهيار المالي والضغط المعيشي، يقف في المقابل حزب الله متمسكاً بسلاحه، ورافضاً أي إصلاح يخرج البلاد من منطق الميليشيا إلى منطق الدولة. هذه الازدواجية السامة أصبحت عامل طرد لكل نية إنقاذ أو دعم خارجي.
بينما يعاني اللبنانيون يومياً من الانهيار، يتم تسويق خطاب مخادع للخارج، لا يمت للواقع بصلة. لبنان يبدو كبلدٍ يطلب العون بلسان، ويشهر التحدي باللسان الآخر. هذا السلوك ليس تناقضاً بسيطاً، بل سياسة انتحارية دمّرت ما تبقى من الثقة العربية والدولية بالدولة اللبنانية.
الخليج يعيد التموضع… وسوريا تُسوّق كـ”دولة”
مع استمرار هذه الازدواجية، باتت دول الخليج تعيد توجيه استثماراتها نحو سوريا، التي رغم ماضيها الدموي، تظهر ككيانٍ مركزي واضح، صاحب قرار موحّد، في مقابل لبنان المتفكك، التائه، المُمسوك من قبل حزبٍ واحد يملي إرادة إيران على ما تبقى من الدولة.
سوريا تظهر كالدولة، ولبنان كالدويلة. وهذا وحده كافٍ لفهم حجم الخسارة الجيوسياسية الفادحة التي تسببت بها ازدواجية القرار.
السكوت عن سلاح حزب الله: تواطؤ بوجه مكشوف
تأجيل الحديث عن ملف السلاح بحجة “التوقيت غير المناسب” هو خيانة وطنية مكشوفة. فالنقاط الخمس التي تُستخدم كذريعة لاستمرار التسليح، لم تكن محتلة عندما انسحبت إسرائيل في 2000، بل أصبحت موضع نزاع لاحقاً بقرار داخلي، للإبقاء على الجنوب منصة إيرانية.
هذا السلاح لم يحرر، بل احتل قرار لبنان. دمّر سمعته عربياً ودولياً. جمّد مؤسساته وشلّ علاقاته.
لبنان ليس بحاجة إلى مزيد من المؤتمرات أو الخطابات، بل إلى قرار واحد واضح: هل نريد دولة فعلية؟ أم نريد دويلة تابعة؟
لا إصلاح مع ميليشيا. لا دعم دون سيادة. ولا مستقبل مع خطاب مزدوج يبيع الولاء في الداخل، ويتسوّل الدعم في الخارج.