لبنان

لا رئيس حتى إشعار آخر: تعنّت حزب الله وتشرذم المعارضة يعمّقان الفراغ السياسي

بقلم تادي عواد –
بات من المؤكد أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في 9 كانون الثاني لن تؤدي إلى أي اختراق في جدار الأزمة الرئاسية، ما يعكس استمرار حالة الجمود السياسي في لبنان. مع إصرار الأطراف على مواقفها المتصلبة، أصبح الاستحقاق الرئاسي رهينة التجاذبات الإقليمية والمحلية، وسط تغييب واضح للمصلحة الوطنية.

الثنائي الشيعي ورفض قائد الجيش: سياسة كسب الوقت

يصرّ الثنائي الشيعي على دعم مرشح محسوب على محور المقاومة، مع رفض قاطع لأي شخصية مستقلة قد تشكّل تهديدًا لنفوذه. هذا التمسك يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويطيل أمد الفراغ، في ظل غياب أي نوايا فعلية للتسوية، ما يضع لبنان على طريق الانهيار المتسارع.

القوى السيادية: مواجهة مشروع الهيمنة دون استراتيجية موحدة

القوى السيادية، ورغم وضوح موقفها الرافض لمشروع هيمنة حزب الله، تعاني من انقسامات داخلية تحول دون تقديم مرشح موحّد قادر على كسر حالة الجمود. هذا التشرذم يضعف قدرة هذه القوى على فرض خيارات بديلة أو التأثير في مجريات الاستحقاق الرئاسي.

الانقسام النيابي: ثلاث كتل رئيسية في مواجهة معقدة

المجلس النيابي منقسم إلى ثلاث كتل أساسية:

كتلة الثنائي الشيعي وحلفائه: ترفض تقديم أي تنازلات وتتمسك بخيار فرض هيمنتها السياسية.

كتلة القوى السيادية: تسعى لانتخاب رئيس مستقل يعيد التوازن إلى الدولة، لكنها تواجه صعوبات في التنسيق الداخلي، ما يحد من فعاليتها.

الكتلة الوسطية: كتلة غير متجانسة تتسم بالمواقف الرمادية، وتضم:

النواب العونيين: يستمرون في لعب دور الحليف الخفي لحزب الله، ما يضعف موقفهم أمام القوى السيادية.

نواب التقدمي الاشتراكي: يفضّلون التوازن بين مختلف الأطراف، ما يجعلهم عاجزين عن اتخاذ مواقف حاسمة.

نواب الثورة: مجموعة غير متجانسة تعاني من غياب الرؤية الموحدة، حيث تطغى الشعبوية على أدائها بدلًا من تقديم حلول فعلية للأزمة.

تداعيات الأزمة: لبنان في مواجهة مستقبل غامض

استمرار الانقسام السياسي في ظل التغيرات الجذرية التي تشهدها المنطقة، لا سيما مع انهيار نظام الأسد في سوريا، يضع لبنان في مأزق كبير. في وقت تتحرك فيه المنطقة نحو إعادة ترتيب الأوضاع السياسية، يبقى لبنان رهينًا لأزماته الداخلية وصراعاته المتشعبة دون أفق واضح للحل.

ما لم تتحلّ القوى السياسية بالمسؤولية وتقدّم مصلحة الوطن على المصالح الضيقة، فإن حالة الفراغ السياسي ستستمر، مع مخاطر كبرى تهدد بانهيار شامل يطال كافة مؤسسات الدولة ويزيد من معاناة اللبنانيين في ظل غياب أي أمل قريب للخروج من هذه الدوامة القاتلة.

ما لم تتحلّ القوى السياسية بالمسؤولية وتضع مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة، ويتراجع الثنائي الشيعي عن سياسة التعنت وفرض الشروط، فإن الفراغ السياسي سيبقى سيد الموقف، مما ينذر بمخاطر جسيمة قد تقود إلى انهيار شامل يصيب مؤسسات الدولة كافة. هذا الوضع المتأزم سيعمّق معاناة اللبنانيين ويغرق البلاد أكثر في دوامة الأزمات، في ظل غياب أي بوادر لحل قريب ينهي حالة الشلل السياسي القائمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى