وزارة الطاقة: مرتع الفساد وتواقيع تكشف إرث الخراب العوني
بقلم تادي عواد –
في بلد يتجرّع شعبه يوميًا كأس الفقر والإحباط، تأتي وزارة الطاقة والمياه لتؤكد من جديد عمق الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة اللبنانية. فضيحة التواقيع الأخيرة للوزير وليد فياض على رخص الآبار الارتوازية، ليست سوى غيض من فيض فساد مستشرٍ، وصفحة جديدة في كتاب الخراب الذي خلّفه “الإرث العوني” في هذه الوزارة.
فضيحة التواقيع: هرولة نحو الفوضى
بينما يقف لبنان على شفا الانهيار الكامل، ينشغل وزير الطاقة بتوقيع رخص لآبار ارتوازية بصورة عشوائية. وفقًا لموقع Lebtalks، تفيد المعلومات بأن بعض هذه الملفات تفتقر إلى الشروط القانونية الأساسية. والمثير للسخرية أن الوزير، بحسب التقارير، يتنقل شخصيًا بين مكاتب الوزارة لتسريع هذه الملفات، في مشهد يعكس اللهاث وراء استغلال المنصب قبل تشكيل حكومة جديدة.
هذا السلوك يطرح أسئلة مشروعة حول إدارة المؤسسات العامة في لبنان: هل الوزارات وُجدت لخدمة المواطن، أم أنها تحولت إلى منصات تخدم المصالح الفردية والحزبية الضيقة؟
الإرث العوني: ثقافة الفساد المؤسسي
منذ سيطرة التيار الوطني الحر على وزارة الطاقة، شهدت هذه الوزارة فصولًا من الفساد غير المسبوق: عقود وهمية، مشاريع على الورق، توظيفات قائمة على المحسوبيات السياسية والمنافع الانتخابية، ومليارات مهدورة من المال العام.
الأزمة في وزارة الطاقة ليست مجرد حوادث فردية عابرة، بل هي نتيجة نظام فساد متكامل أرساه التيار العوني، لإدارة الوزارة وفق أجندات سياسية تخدم مصالحه أولًا وأخيرًا.
“يا رايح كتر قبايح”: شعار المرحلة
في فترة تُعتبر “وقتًا ضائعًا” قبل تشكيل حكومة جديدة، يبدو أن وزير الطاقة يتبنى المثل اللبناني “يا رايح كتر قبايح”. بدل التركيز على معالجة الملفات الجوهرية التي تثقل كاهل المواطن، كأزمات الطاقة والكهرباء والمياه، ينشغل بإصدار قرارات مشبوهة ستُحمّل الدولة أعباء إضافية لعقود قادمة.
وزارة الطاقة: رمز لانهيار الدولة
وزارة الطاقة ليست مجرد دائرة إدارية؛ بل المحور الأساسي لإدارة شريان الحياة في لبنان. ومع ذلك، أصبحت رمزًا للفشل والفساد. كيف يمكن لدولة أن تنهض والكهرباء غائبة، والمياه ملوثة، والقرارات تُتخذ وفق مصالح شخصية ضيقة؟
ما العمل؟ الخروج من المستنقع
تحقيق مستقل وجدي: يجب فتح ملفات وزارة الطاقة منذ استلام التيار الوطني الحر لإدارتها وحتى اليوم، ومحاسبة كل من تورط في استغلال المنصب أو المال العام.
إصلاح إداري شامل: ينبغي فصل المؤسسات العامة عن سيطرة الأحزاب الفاسدة، وإجراء إصلاحات جذرية تضمن استقلالية الإدارات.
استعادة ثقة المواطن بالدولة: لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال محاسبة المسؤولين، ومصادرة الأموال المنهوبة، وإعادتها إلى خزينة الدولة.
ختامًا: لبنان رهينة الفساد
ما يحدث في وزارة الطاقة ليس حادثة منفصلة، بل جزء من منظومة فساد متجذرة في كل مفاصل الدولة. لبنان بحاجة إلى ثورة إصلاحية شاملة تُطيح بهذه الطبقة السياسية الفاسدة، وتُعيد بناء المؤسسات على أسس الكفاءة والنزاهة. إلى أن يتحقق ذلك، سيظل المواطن اللبناني عالقًا بين مطرقة الفقر وسندان الفساد.