استمرار هيمنة الثنائي الشيعي على حقوق المسيحيين

لطالما كانت الهيمنة السياسية في لبنان محوراً أساسياً للصراعات الداخلية، وفي هذا السياق يبرز الدور السلبي للثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) في تقويض التوازن الوطني والتمثيل المسيحي الحقيقي.
منذ تعطيلهم انتخابات الرئاسة عام 2014، عندما كان فريق 14 آذار يمتلك الأغلبية البرلمانية ومن حقه اختيار رئيس الجمهورية، رفض الثنائي هذا الحق وعطّلوا الجلسات حتى فرضوا ميشال عون رئيساً تحت ذريعة أنه «الأقوى في طائفته». واليوم، تتكرر محاولاتهم لفرض رئيس جديد موالٍ لهم، متجاهلين شعاراتهم السابقة حول «الأكثر تمثيلاً داخل الطائفة».
في السابق، برر الثنائي الشيعي تعطيله الطويل للانتخابات الرئاسية عام 2014 بضرورة أن يكون الرئيس ممثلاً حقيقياً لبيئته، وفرضوا في النهاية ميشال عون بحجة تمتعه بالشعبية الأوسع في الشارع المسيحي. أما اليوم، وبعد تراجع شعبية التيار العوني في الانتخابات النيابية الأخيرة، أصبح سمير جعجع، زعيم القوات اللبنانية، الأكثر تمثيلاً في البيئة المسيحية وفق نتائج صناديق الاقتراع.
ومع ذلك، يواصل الثنائي الشيعي رفض هذا الواقع الجديد ويعرقل الانتخابات الرئاسية بحجج واهية. فقد صرحت مصادر مقربة من الثنائي لقناة «الجديد» بأن “الاسم الوحيد الذي نرفض مناقشته للرئاسة هو سمير جعجع، لأنه يولّد الأزمات ولا يحفظ التوازنات، ولا يملك حتى شبه إجماع”. يعكس هذا التصريح بوضوح أن هدف الثنائي الأساسي ليس حماية التوازنات بقدر ما هو فرض رئيس يخدم مصالحهم الاستراتيجية داخلياً وخارجياً.
في المقابل، جاء رد القوات اللبنانية واضحاً وحازماً، إذ شددت مصادرها على أن “كما يمثّل نبيه بري المكوّن السياسي للشيعة، فإن سمير جعجع هو اليوم المكوّن السياسي للمسيحيين”، في إشارة إلى أن القوات اللبنانية باتت القوة المسيحية الأولى في البلاد.
إن استمرار الثنائي الشيعي في فرض إملاءاته السياسية على حساب الشراكة الوطنية وحقوق المسيحيين يهدد التوازنات التي قامت عليها الجمهورية اللبنانية. فعرقلة الانتخابات الرئاسية الحالية لا تهدف إلى حماية الوطن، بل إلى ضمان استمرار نفوذهم من خلال فرض رئيس ضعيف خاضع لإملاءاتهم. لذا، يبقى الحل الحقيقي في احترام نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة والإقرار بالتمثيل المسيحي الجديد الذي باتت القوات اللبنانية تمثله، كخطوة ضرورية نحو إعادة التوازن والشراكة الحقيقية في الحكم.
بقلم تادي عواد