إيران قد اختارت استراتيجيّة الانكفاء.. تاركةً حزب الله في موقف دقيق
التحري نيوز
حزب الله، الذي يُعدّ الجناح العسكري الأكثر قوةً لإيران في الشرق الأوسط، استفاد على مدار عقود من استثمارات ضخمة في تعزيز قدراته العسكرية و اللوجستية من قِبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في أعقاب عمليّة 7 أكتوبر، قامت إيران بدفع حزب الله نحو الانخراط في الصراع، مراهنةً على انشغال اسرائيل بعمليّاتها بغزّة و ساعيةً لضمان حضورها الفاعل على طاولة المفاوضات و للحرص على أنّ أيّة حلول مستقبليّة للقضيّة الفلسطينيّة تأخذ بعين الاعتبار نفوذها و مصالحها الاستراتيجية.
في الوقت الراهن، تحت ضغط دولي و أمريكي متصاعد، يبدو أنّ إيران قد اختارت استراتيجيّة الانكفاء، مفضّلةً الحفاظ على مصالحها المباشرة و تاركةً حزب الله في موقف دقيق حيث يجد نفسه مستهدفاً بضربات موجعة دون القدرة على توجيه ردّ فعّال ضدّ إسرائيل. هذا الوضع يضع حزب الله في زاوية دفاعيّة، حيث يسعى جاهداً لتجاوز هذه الأزمة بأقلّ قدر ممكن من الخسائر. من ناحية أخرى، إسرائيل، التي تستغلّ هذه الفرصة لشنّ ضربات يوميّة ضدّ الحزب، تفرض عليه حالة من العجز الاستراتيجي؛ فهو لا يستطيع التراجع خوفاً من فقدان النفوذ و الاستقلاليّة في أعين أنصاره، و في الوقت ذاته، يجد نفسه غير قادر على اتّخاذ خطوات هجوميّة بسبب غياب الدعم الإيراني الحاسم لمثل هذه الأفعال.
الحزب الذي انخرط في الصراع بادئ الأمر لدعم غزّة، يواجه اليوم تحدّيات جديدة تهدّد مكانته و نفوذه على الساحتين اللبنانية و الإقليمية. مع تصاعد الخسائر، يزداد العبء على الحزب في تبرير مواصلة القتال لجمهوره، خصوصاً في ظلّ غياب أهداف واضحة و مقنعة للمعركة. هذا الوضع يضع الحزب في ورطة، يحاول التغلّب عليها من خلال اعتماد خطابات مرتفعة النبرة تجاه الأطراف كافة.