تواصل إمارة موناكو التحقيق مع نجيب ميقاتي في عمليات غسيل الأموال بعد أن أسقط لبنان القضية
صحيفة ذا ناشيونال _ ترجمة صوفي شماس
تواصل موناكو تحقيقاتها مع رئيس الوزراء اللبناني الملياردير نجيب ميقاتي بشأن تهم تتعلق بغسل الأموال، حسبما أكد النائب العام للإمارة حصريا لصحيفة ذا ناشيونال.
وسيستمر هذا على الرغم من قيام القضاء اللبناني بإسقاط تحقيق منفصل خاص به في تهم الاحتيال المرتبطة بخطة قروض الإسكان المدعومة التي يُزعم أنها تضم أفرادًا من عائلة ميقاتي.
وبحسب مكتب المدعي العام في موناكو، يجري التحقيق حاليا في إمارة موناكو وقد أوكل إلى قسم الشرطة القضائية في الأمن العام دون إعطاء مزيد من المعلومات. وكانت موناكو قد طلبت المساعدة القانونية المتبادلة في كانون الثاني من العام الماضي من السلطات اللبنانية في تحقيقها مع السيد ميقاتي وأقاربه بشأن تهم غسل الأموال المتعلقة بالقروض المدعومة.
يرتبط رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بثلاث شركات في موناكو، من بينها Sam M1، وكان لديه العديد من الحسابات المصرفية في الإمارة، لكن تم إغلاقها.
فتح لبنان تحقيقه الخاص في قضية قروض الإسكان في العام 2019، بعد مزاعم بأن سياسيين وأثرياء استفادوا من قروض احتيالية مدعومة من البنك المركزي. وبحسب الادعاءات، كان من بينهم أفراد من عائلة ميقاتي.
بقي الملف لمدة عامين لدى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا. لكن المدعي العام اللبناني، غسان عويدات، أبلغ موناكو في آذار من العام الماضي أن التحقيق المحلي أُسقط في الشهر السابق، وانتهت القضية بتقديم المستندات إلى قاضي التحقيق في بيروت، الذي أصدر حكما مبرما بإسقاط الدعوى.
خشي بعض المحامين في ذلك الوقت من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقويض القضية في موناكو حيث يتمتع ميقاتي بمصالح كبيرة. وأشار المحامي الدولي كريم ضاهر، عضو لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمساءلة المالية الدولية إلى أنه يجب إثبات أن هناك جريمة أصلية، تم غسل عائداتها غير المشروعة في الخارج، لتأسيس غسيل أموال. وإن نفى القضاء اللبناني أن تكون الجريمة قد ارتكبت في الأصل على أراضيه، فقد يؤدي ذلك إلى عرقلة الإجراءات الأجنبية.
لكن السيد ضاهر أشار أيضا إلى قضية تيدي أوبيانغ، نجل رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو.
في العام 2017، أدين تيدي أوبيانغ غيابيا من قبل محكمة فرنسية بتهم الاختلاس وغسيل الأموال والفساد وإساءة استغلال الثقة. وطالبت المحكمة بمصادرة أصوله في فرنسا رغم تبرئته في غينيا الاستوائية من نفس التهم.
وأفاد ضاهر بأنه يمكن للقضاء في موناكو أيضا رفض قرار لبنان، من خلال تطبيق نفس النهج الذي اتبعته المحاكم الفرنسية في قضية تيدي أوبيانغ سيئة السمعة، إذا اعتبرت هذه الخطوة محاولة واضحة لتبرئة مسؤول سياسي.
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة بعد عقود من سوء الإدارة وتبديد الأموال العامة، والتي تمكنت الطبقة الحاكمة حتى الآن من الإفلات من أي محاسبة عليها.
بالنسبة إلى “شيربا”، وهي هيئة فرنسية لمكافحة الفساد، كان قرار إغلاق قضية ميقاتي في لبنان، بعد شهر واحد فقط من طلب موناكو للمساعدة القانونية المتبادلة، محاولة لعرقلة التحقيق. وأفاد وليام بوردون، مؤسس “شيربا” ومحاميها، أن حيل كبار السياسيين للهروب من الملاحقة القضائية الأجنبية عن طريق نسف تصرفات القضاة المحليين تعود إلى زمن بعيد. وأشار إلى أنه بينما قال السيد عويدات إن القضية رُفضت بناءً على أسسها الموضوعية، قال القاضي الذي يتعامل مع القضية إن التحقيق قد توقف.
وقال ماهر ميقاتي، نجل رئيس حكومة تصريف الأعمال، في اتصال مع صحيفة “ذا ناشيونال”، إن التحقيق اللبناني بدأ بـ “مزاعم ذات دوافع سياسية تتعلق بمكاسب غير مشروعة من القروض المدعومة، والتي رفضتها الأسرة بالكامل”. وأضاف بأن طلب موناكو “طبيعي فقط بسبب الوجود الاقتصادي والمادي الواسع لأفراد عائلة ميقاتي في موناكو، لكن مثل هذه الطلبات عادة ما تظل سرية للغاية، وسبب تسريبها للجمهور، هو جزء من حملة التشهير المستمرة ذات الدوافع السياسية”. وختم قائلا إن السلطات في موناكو لم تتصل رسميا بأي من أفراد عائلته ولم يتم توجيه أي تهم.
تم فتح قضية القرض السكني في لبنان بعد تسريب تقرير أرسلته لجنة الرقابة على البنوك إلى حاكم البنك المركزي رياض سلامة في العام 2018. وحُددت عدة انتهاكات، بما في ذلك واقع أن القروض، التي كان يُفترض أن يتم صرفها على أساس لمرة واحدة فقط للأفراد، تم منحها للشركات.
وزعم التقرير، الذي اطلعت عليه صحيفة ذا ناشيونال، أن ست شركات عقارية تابعة لمجموعة ميقاتي … تلقت تسعة قروض عقارية من بنك عودة.
أصدر المصرف اللبناني قروضاً تزيد قيمتها على 22 مليار ليرة لبنانية في العام 2010 (تعادل في ذلك الوقت حوالي 14.6 مليون دولار) في العام 2010 و14 مليون دولار في العام 2013.
بناءً على هذه الاكتشافات، فتحت القاضية غادة عون قضية في تشرين الأول 2019. وبعد فترة وجيزة تم استبعادها عن هذا التحقيق من قبل السيد عويدات وسط عداء علني بينهما. ثم عهد السيد عويدات بالملف إلى السيد أبو سمرا.
من جهة أخرى، وصفت منظمة “المفكرة القانونية” التي تتخذ من بيروت مقراً لها، قرار السيد أبو سمرا بإسقاط القضية بأنه “انتهاك صارخ” لمبادئ القانون الجنائي. وقال محامو المجموعة الحقوقية إن نسخة جديدة من قانون الإثراء غير المشروع اللبناني ألغت أي حد زمني لملاحقة مثل هذه القضايا، لكن القاضي قرر تطبيق النسخة القديمة دون توضيح السبب، كما احتسب مدة التقادم من تاريخ منح القرض الأخير، وهو ما يخالف القانون القديم، على حد قولهم.
وتنص النسخة القديمة من القانون على أن التقادم لمدة ثلاث سنوات يبدأ عند اكتشاف المخالفة أو عند زوال آثار الجريمة، والتي يقول المحامون إنها إما 2018، عند فض الفضيحة، أو عند سداد آخر قرض بعد 2019.
في كلتا الحالتين، كان من الممكن أن يكون ذلك في غضون ثلاث سنوات من الإصدار القديم لقانون الإثراء غير المشروع عندما تم فتح التحقيق اللبناني في العام 2019.
مع ذلك، دافع أحد كبار القضاة عن قرار السيد أبو سمرا بقوله إنه تم التخلي عن الملف بسبب مسائل إجرائية وليس بسبب مزاياه، كما أن القانون القديم طُبق لأن الوقائع حدثت قبل صدور القانون الجديد.
أكثر من ثلاث سنوات مرت بين آخر قرض في العام 2013 وبدء الإجراءات. لا يمكننا القول إنه تم اكتشاف الحقائق في العام 2018 لأنه لم يتم فعل أي شيء لإخفاء عملية الشراء، وجميع المعلومات متوفرة في السجل العقاري.