٨٠٪ من سكّان لبنان تحت خطّ الفقر منذ العام ٢٠١٩
إنحدر لبنان الذي كان يتمتّع بمستوى تنمية بشريّة ومتوسّط عمر عاليين، بشكل سريع، ليصبح من الدول التي تمرّ بأسوأ الأزمات الإقتصاديّة والماليّة في التاريخ، بحسب مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة.
أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريراً عرض من خلاله ملاحظات مفوّض الأمم المتحدة المعنيّ بالفقر المدقع أوليفيير دي شوتر، خلال زيارته إلى لبنان بين 1 و12 تشرين الثاني 2021. وقد تمحورت الزيارة حول تقييم ملاءمة سياسات الحكومة لمكافحة الفقر مع التزاماتها لحقوق الإنسان، كما ولإعطاء بعض التوصيات للحكومة. وقد التقى أوليفيير خلال زيارته أشخاصاً رازحين تحت الفقر في مختلف المناطق اللبنانيّة، كما وأشخاصاً تضرّروا من جرّاء انفجار مرفأ بيروت.
بالأرقام، فإنّ 80% من السكّان قد دُفعوا إلى تحت خطّ الفقر منذ العام 2019، مع فقدان العملة الوطنيّة لـ95% من قيمتها، وارتفاع الأسعار بنسبة 200%، وزيادة أسعار الوقود بأكثر من 2,000% خلال فترة عام فقط، وهو ما اُثّر بشكل سلبي على الحضور إلى المدارس وأماكن العمل.
دائماً في الإطار عينه، فقد لفت التقرير إلى أنّ 9 من 10 أشخاص تمّ استطلاعهم، اعتبروا أنّ مدخولهم ليس كافياً، في حين لفت 6 من 10 أشخاص تمّ إستطلاعهم إلى أنّهم مستعدّون لمغادرة البلاد في حال تمكّنوا من ذلك. وقد لفت التقرير إلى أنّ جهود الحكومة لمواجهة الأزمة كانت ضعيفة، بحيث كانت مقيّدة بالمناكفات السياسيّة. في حين اعتبر أنّ الأزمة الماليّة كان بالإمكان تفاديها، بحيث نجمت عن عقود من الاستثمارات الاجتماعيّة الفاشلة وعن نظام ضريبي يشجّع التهرّب الضريبي ويعطي الأفضليّة للأغنياء.
وهذا ما نتج منه تركّز كبير للمدخول والثروة، وكما عن خدمات عامّة ضعيفة وقطاع كهرباء مقيّد بالمصالح الشخصيّة. وقد أضاف التقرير، أنّ هذه الكارثة من صنع الإنسان، وقد فاقمتها 3 أزمات، ألا وهي انفجار مرفأ بيروت ووباء كورونا ووجود اللاجئين. وبحسب التقرير، فقد تسبّب انفجار مرفأ بيروت بـ220 حالة وفاة، وبمئات آلاف المشرّدين وبتوقّف 163 مدرسة عن العمل وبتضرّر 56% من شركات الأعمال الخاصّة. بالتوازي مع ذلك، فقد أثبتت معاناة لبنان مع وباء كورونا تداعيات ضعف الاستثمار في قطاع الاستشفاء العام لمدّة سنوات. كما وأشار التقرير إلى معاناة لبنان مع وجود أكثر من مليون لاجئ على أراضيه. وقد أشار إلى مجموعات عدة تأثرت بشكل خاص بالأزمة، ألا وهي النساء والأطفال واللاجئون (سوريون وفلسطينيون) والعمّال الأجانب والأشخاص ذوو الإحتياجات الخاصّة.
بالتفاصيل، فقد أشار التقرير إلى أنّ النساء لا يمكنهنّ إعطاء الجنسيّة اللبنانيّة لأزواجهنّ أو أولادهنّ الأجانب، وبأنّ مشاركتهن في سوق العمل (29.3%) هي من أدنى المستويات في العالم. أمّا في ما يختصّ بالأولاد، فقد لفت التقرير إلى أنّ أكثر من 80% منهم (حوالى 1.8 مليون) يعانون من فقر متعدّد الأبعاد (وهو ما يشكّل ضعف الرقم الذي كان سائداً في العام 2019) مع افتقاد 77% من المستطلعين للمال لشراء الطعام، واضطرار 60% منهم لشراء الطعام عبر الاستدانة.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تغيّب 400,000 طالب عن المدرسة خلال العام 2020، فيما لم يعد 42,000 طالب إلى المدرسة خلال فترة 2020-2021. أمّا في ما يتعلّق باللاجئين السوريين والفسلطينيين، فقد اعتبر التقرير بأنّهم محرومون من حقوق أساسيّة، وبأنّهم أكثر عرضة للأزمة التّي ألمّت بلبنان.
وكشف التقرير أيضاً، أنّ لبنان يستقبل أكثر من 200,000 عاملة أجنبيّة يخضعن لنظام كفالة ويستثنين من قانون العمل، بحيث يُجبرن على العمل لساعات طويلة بأجر زهيد ويُحرمن من الراحة ويخضعن لاعتداءات لفظيّة وجسديّة وجنسيّة.
أخيراً، أشار التقرير إلى أنّ الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصّة، يواجهون صعوبات في التأقلم، بحيث تنفق الأسر التي لديها أشخاص ذوو احتياجات خاصّة، 16.5% بالمعدّل أكثر للوصول إلى نفس مستوى المعيشة الذي تتمتّع به الأسر الأخرى. كما يعاني هؤلاء الأشخاص من صعوبات لدخول سوق العمل، بحيث كشف 71% إلى 80% منهم بأنّهم لم يتوظّفوا من قبل.
(تقرير بنك الاعتماد اللبناني)