بعد دعسات باسيل الناقصة .. خاصرة رخوة في الشوف وأنف مكسور في جزين!
كتبت نورما أبو زيد
يعيش محازبو “التيار الوطني الحرّ” انتماءً سياسياً شبيهاً بقصة حبّ متهوّرة. دعسات رئيس “التيار” الناقصة لم توفّر أرجُل محازبيه، وعلى الرغم من “فلشة العروق” التي أصابت الجميع، هناك من لا يزال يتمسّك بـ “حبّه الأعرج”.
مناضل عوني عتيق، يشبّه وضع الحزب البرتقالي بوضع البلد. الأغلبية ترغب بالمغادرة، ولكن الأمل بأعجوبة بالنسبة للبعض، وغياب الخيارات البديلة بالنسبة للبعض الآخر، سببان يحولان دون الرحيل. أمّا السبب الأهم بنظره، فهو هالة الرئيس ميشال عون التي ما تزال تظلّل البرتقاليين، والتي لولاها، لتحوّل “التيار الوطني الحرّ” إلى “حزب كتائب” آخر.
برأيه، لائحة الخطايا طويلة، تبدأ بحجز الرجل البرتقالي كرسياً لنفسه إلى مائدة الدولة عوضاً عن قلب الطاولة على الجميع، ولا تنتهي بإبعاد المناضلين إلى المقاعد الخلفية، وحجز الصفوف الأمامية لمتمولّين من طالبي شراء المقاعد النيابية إمّا ترفاً أو خوفاً، غادر معظمهم مراكب العهد مع أول إحساس بالبلل، والتحقوا بمواكب المهلّلين لإسقاطه.
المناضل الذي غزا الشيب رأسه، يستفيض في الحديث عن معارك النائب جبران باسيل العشوائية، وعن سوء خياراته الوزارية والنيابية، وعن عطالة تلك الإدارية والبلدية.
بلغة لا تخلو من الفكاهة يتطرّق إلى تعيين النائب نقولا صحناوي ضابط ارتباط بين الأصفر والبرتقالي، ويسأل ما إذا كانت لكنته الفرنسية مفهومة لدى أبناء الضاحية الجنوبية، ويتخيّل جلسة شاي مسائية لنواب “حزب الله”، فيها الكثير من القهقهة لدى محاولة المقاطعين لربطات العنق الغربية، التلفّظ بكلمات صحناوي التي تشكّل خليطاً ما بين “العربي المكسّر” والفرنسية والإنجليزية.
يضيف: سأسلّم جدلاً بأنّ ابن الأشرفية يتقن اللغة العربية، ولكن كيف يتجاوز باسيل جهله باللغة العسكرية، وهو المحاط بأفضل ضباط المدرسة الحربية؟
يتنقّل “التياري” العتيق بين أجنحة “التيار الوطني الحرّ” ليعدّد الهفوات والزحطات والأخطاء والخطايا والارتكابات، ويخلص إلى أنّ الرجل البتروني يذهب في كرهه للديوك إلى حدّ شيطنتهم، ولا يهوى إلاّ الذين ينتمون إلى فئة “الزقّيفة والزحّيفة”، ويستعين هنا بتجربة الوزير الشوفي غسان عطالله كمثال.
يقول الرجل الذي عايش “التيار” في صعوده وانحداره: ليس غسان عطالله الذي صار وزيراً في زمن الغفلة، سوى تعبيراً عن مرحلة انهار فيها “التيار”، وبلغ مرحلة الجلوس “عالحديدة”. ما يقوله عن عطالله، يقوله أيضاً عن النائب ماريو عون. برأيه الأوّل متخصّص في الرقص الشرقي ومنطقة ما تحت الزنار، والثاني متخصّص في العلوم الفلكيّة وفي تقفّي أثر “الحرائق الطائفية”، والرجلان على سوئهما كانا جزءاً من مجموعة شكّلت وجه صحارة باسيل في السنوات العجاف.
يضيف: تخلّى البتروني عن ابن الدامور من خلال عدم ترشيحه لانتخابات 2022، وأبقى على ابن بطمة من خلال إعلانه مرشحاً، علماً أنّ أيّ عملية تصحيحية تستوجب الاستغناء عن الاثنين معاً. وهنا يعلّق القيادي السابق على ترشيح عطالله بالقول: الشوف يزخر بكفاءات كاثوليكية، ولم يكن يوماً بحاجة إلى استيراد مرشّحين كاثوليك على غرار جارته جزين، فلماذا اختيار عطالله وإبعاد كلّ الآخرين؟ ويخلص مرّة جديدة إلى أنّ جبران اعتاد مشاهدة عروض السيرك، ولم يتعلّم بعد بأنّ الأقوياء جبهته الصلبة، والضعفاء خاصرته الرخوة.
يشرح المناضل السابق أنّ الانتخابات التمهيدية كانت وسيلة قيادة التيار لإبادة الديوك، ويعتبر أنّ يداً خفية عبثت بالنتائج على مساحة الجغرافيا اللبنانية، ولكن على الرغم من اتّساع رقعة الفضيحة، ما حدث في الشوف وجبيل كان فاقعاً ونافراً.
يقفز المناضل السابق من قضاء الشوف إلى قضاء جزين، ليدلّل على سوء الإدارة السياسيّة. يقول إنّ القضاءين الجارين نموذج فاقع لفقدان البوصلة، ويشرح أنّ جزين التي كانت بشري العونيين، مرشّحة لأن يخسر “التيار” فيها مقعديه النيابيين، ما لم يذهب باسيل إلى تحالف مع ثنائي بري ـ حزب الله، ستتخلّله حكماً عملية كسر أنف.
كيف؟
يشرح القيادي السابق أنّ “التيار الوطني الحر” عاجز عن إيجاد حليف سنّي وازن، يؤمّن له الحاصل الانتخابي في ظلّ إعلان “الجماعة الإسلامية” في وقت مبكر عزوفها عن التحالف مع “التيار”، وعدم قدرة عبد الرحمن البزري على حصد رقم وازن، وإصرار النائب أسامة سعد على مقاطعة كلّ ألوان السلطة بما في ذلك البرتقالي.
ويتابع: في ظلّ المعضلة السنيّة، يجد باسيل نفسه مضطراً للتحالف مع خصمه اللدود نبيه بري، بعد رفض “حزب الله” توزيع أصواته بين حليفيه الأخضر والبرتقالي، خوفاً على نيابة إبراهيم عازار.
يشبّه المناضل البرتقالي المشهد بالكوميديا السوداء ويقول: في دائرة مقاعدها الخمسة مسيحيّة ـ سنيّة، لا يجد رئيس التيار البرتقالي انتحارياً سنياً، فيما رئيس المجلس يقتطع مقعداً مسيحياً لنفسه من أصل ثلاثة، ويشترط شطب النائب زياد أسود عن اللائحة. ويضيف: يريد بري نائباً “إلو تم ياكل، ما إلو تم يحكي”.
ألم يسبق باسيل بري إلى معركة الإطاحة بأسود من خلال ترسيبه في أوّل انتخابات تمهيدية؟
يجيب البرتقالي السابق: هذا الأمر صحيح لأنّ للرجل صوتاً ويصيح، ولكن الفرق كبير بين أن يُقرّر باسيل التخلّص من أسود، وأن يفرض بري عليه ذلك. ويضيف: هذا الأمر إن حصل فيه كسر أنف، وفي حال قدّم باسيل أنفه لمطرقة بري، سوف يخسر وجهه وما تبقّى له من أصوات في جزين!