تنصُّل باسيل لم ينجح… الجميع كان يعلم بقرار حاكم المركزي
لم يكن قرار مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات وفتح الاعتمادات على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء مفاجئاً لأحد إلا بتوقيته الليليّ؛ فمَن مِن المسؤولين في هذه السلطة لم يكن يعلم بأنّ هذا القرار أمر محتّم، سيصل إليه لبنان عاجلاً أم آجلاً، مهما جرت المحاولات لتأخيره.
لكن الأصول كانت تقتضي وسط الانهيار اتّخاذ الإجراءات التنفيذية التي من شأنها التخفيف من وطأة هذا القرار، الذي لا يُمكن الهروب منه مع تلكؤ الاصلاح السياسي الذي من شأنه أن يفتح باب المساعدات الخارجية، بعدما استنفدت كلّ أموال الدولة وما بقي منها سوى الاحتياطي الإلزامي، الذي يجمع ما تبقّى من أموال المودعين.
وبالرغم من ذلك، جاء القرار قبل التقدّم خطوة واحدة باتجاه دخول البطاقة التمويلية حيّز التنفيذ. لكن حاكم مصرف لبنان ليس وحده في هذه الجمهورية ليخرج بعض المسؤولين ويحاضرون حول حقوق الشعب الذي يتهاوى في حفرة الانهيار.
يأتي على رأس هؤلاء جميعاً رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل وفريقه السياسي، الذي خرج اليوم ليلقي بكامل المسؤولية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، محاولاً حشره في زاوية مخالفة القانون واستباق ما تمّ الاتفاق عليه وإقراره في المجلس النيابي لجهة آلية رفع الدعم التدريجية، متناسياً أن سلامة كان يوم أمس في القصر الجمهوري، وقد أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الطاقة ريمون غجر بأنه لم يعد قادراً على فتح اعتمادات للمحروقات. فلماذا هذه الصدمة التي شعر بها هؤلاء؟ أليس غجر، وهو من فريق باسيل السياسي، من أبلغ اللبنانيين منذ فترة أن عليهم إيجاد وسائل أخرى للتنقّل غير السيّارات والنقل العام؟
ولماذا لم يقل عون لسلامة بالأمس عند إبلاغه القرار ما يُريد قوله له اليوم في الاجتماع بعد استدعائه؟
هذا الاستغباء للّبنانيين أصبح مقيتاً، وتلك الخطابات الشعبوية والرنّانة لا تؤمّن الغذاء والدواء والمحروقات للناس!
ووسط كل هذا الانهيار والفشل في إدارة الأزمة، بعد الفشل في بناء دولة عادلة وقادرة نتيجة المحاصصات والفساد والسرقات، التي شارك فيها من استفاد ومن غطّى ومن صمت، لا يزال هؤلاء يعملون باستراتيجية الانتخابات لشدّ العصب، وعينهم لا ترى سوى صناديق الاقتراع على حساب فقر الناس وقهرهم وذلّهم.
النهار