ما بعد بكركي ليس كما قبلها.. (بقلم عمر سعيد)
من شعار الممانعة أبدأ كلامي..
فبكركي هي المؤسس الحصري للكيان اللبناني..
وليغضب الأهل والأصحاب براحتهم.
كثيرون بقوا عند تصريح البطريرك الراعي، في بداية ثورة تشرين ” الرئاسة خط أحمر”.
وقليلون من تابعوا التطور الموازي للأزمة في مواقف البطريرك.
كان الرجل هادئاً، متوازناً، متزناً، مراقباً واعياً لمآل الأمور.
وكان الفقر وتفاقم الأزمة يقودان الواقع.
وكانت السلطة، ومن خلفها حزب الله تصنع الهوة وتراكم الصعوبات أمام الحلول.
حتى أتى الموقف الأخير لبكركي بمثابة التأكيد على حصرية تأسيس الكيان اللبناني بمعناه الوطني، ودوره الحضاري الإنساني عبر التاريخ.
فقد حاصر موقف البطريرك الراعي الأخير الجميع دون استثناء، وكشف هزالة الفاسدين.
فها هو عون يحاول تدوير بعض كلام الراعي في خطاب بكركي قبل أيام، بسبب إفلاس رئاسته وتياره وعهده..
وها هو حزب الله يوفد المبعوثين قبل الكلام في بكركي للحصول على طمأنة..
وها هي المواطنة الحقيقية تدفع اللبنانيين إلى ساحة بكركي من استطاع منهم، ومن لم يستطع إلى الوقوف خلف مواقف الراعي الأخيرة.
فالبطريرك الراعي يعرف أين يضع قدمه، ويدرك أهمية توقيت رفع الصوت الذي بدروه؛ رفع سقف الثورة من مستوى المندسين وعملاء السفارات وقطاع الطرق وشيعة السفارة؛ إلى حضن الأبوة الحقيقية للوطن وعبر التاريخ.
فأتت مواقفه موازية لما نتج عن انفجار المرفأ بالمفهوم المطالب لضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وتحقيق العدالة.
ولم تعد الثورة التي كانت تتخبط بين باحث عن موقع من هنا، ومتسلق من هناك، ثورة تائهة عادية، بإمكان البعض تجديد الرهان على إخمادها، خاصة أن موقف البطريرك، يؤكد على حق الناس في الدولة والأمن ورغيف الخبز والعيش الكريم.
فمعركة بكركي اليوم ليست من أجل ولاءات لبنان، بل هي لإثبات حصرية التأسيس للكيان الوطني في لبنان بأيدي من استحقه ومنذ أن كان لبنان، كما هي لأجل رغيف خبز الفقراء، الذي قال عنه ابن خلدون: ” وهل تقاتل الروم والعرب إلا على الخبز ”
فالحياد الأيجابي للبنان الذي أطلقه البطريرك؛ يلغي كل تبريرات القوة الغشيمة، والسلاح المرتهن غير الشرعي الذي يعاني منه اللبنانيون.
والحياد الإيجابي للبنان يلغي تحويل لبنان إلى جندي في رقع شطرنج الغرباء.
والحياد الإيجابي للبنان يضمن حق الإنسان قبل حقوق السماوات.
لذا ستشهد الساحة اللبنانية انتفاضات أقوى وأشد.
وبغض النظر عن ثمار ونتائج موقف البطريرك الجديد، إلا أن بكركي حشرت كلاً في زاويته،
وعلناً وعلى مشهد من العالم الذي بدأ يشهد تغيرات على الساحة الخليجية، وفي سوريا واليمن، والداخل الإيراني الملتهب، والواقع الأمريكي الذي يتماهى معه الوضع الأوروبي، وإن كان البعض يهول علينا ببايدون.
لكن ما بعد بكركي ليس كما قبلها..
فهي صاحب الكلمة الفصل في الأمور الجسيمة.
وأكثر من يعرف ذلك هو حزب الله ومن في زمرته من الفاسدين.
عمر سعيد