انتم لا تعرفون من هو ميشال عون !!
بقلم حسن صبرا _ مجلة الشراع 23 كانون الثاني 2021
لم يحتجز ميشال عون التشكيلة الحكومية التي قدمها له سعد الحريري، لأنها لم تعجبه، وقبلها لم يفرج عن التشكيلات القضائية التي اصدرها مجلس القضاء الاعلى، لأنها لم تعجبه!
ميشال عون لا يفعل الا ما يريده هو…
ولا يقبل ان تحاسبوه وفق اي قانون او دستور او عرف او معروف، فكل هذه المقاييس لا تأتي ذرة رمل امام ما يقرره هو وبما يعتقده مصلحته!
راقبوا تقلباته السياسية، وهو ينسيكم تقلبات وليد جنبلاط ..
راقبوا نتائج سياساته على اللبنانيين وهو على طريق آل الاسد في تعاملهم مع السوريين…
انا او لا احد…
الاسد او نخرب البلد…
هل ترون نتائج هذه الثقافة على مصير سورية ومصير لبنان؟
ميشال عون ربما يعتبر نفسه قديساً قبل ان يصدقه ناسه وهم يؤمنون به كذلك.. ولا تندهشوا عندما نادى بعضهم بتطويبه.. هو يظن ذلك – ربما- والناس على دين ملوكهم.. انهم العونيون!!
كان بشير الجميل قديساً عند اكثرية المسيحيين، وتأثر به بعض المسلمين والعرب..
كان كميل شمعون بطرك المسيحيين على مدى عقود..
ميشال عون اراد ان يلتحق ببشير في ذروة الحرب الاهلية ولكن بشير أحاله الى اقرب اساتذته اليه قائلاً للمفكر:
خذ هذا الضابط عني، انا لا اطيقه ولا اطيق افكاره !
كميل شمعون قال بالحرف عندما طرح اسم عون امامه: بعد ناقصنا هل ….
من سيرة علاقتنا مع ميشال عون سنقتطف هذه الواقعة :
آب /اغسطس1988 ،
كان موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس امين الجميل، وكان حافظ الاسد يريد مسايرة صديقه الرئيس السابق سليمان فرنجية وهو يعرف الّا حظوظ لفرنجية، ولكنه اراد مجاملته وليأت الرفض من خصوم الاسد وليس منه!
التقينا العماد قائد الجيش ميشال عون وكنا الحاج غسان مطرجي والعميد محمد حلال وحسن صبرا وكنا من المتحمسين ليكون عون رئيساً للجمهورية..
قلنا له:
جنرال المعركة الآن هي معركة نصاب النواب ( وكان الاجتماع سيتم في قصر منصور كمكان بديل للمجلس النيابي الشرعي ) والقوات اللبنانية ستمنع حصول النصاب وستمنع النواب خصوصاً في المناطق المسيحية وحيث تسيطر من الوصول الى المجلس ، وانت قائداً للجيش من مهماتك توفير الامن لإيصال النواب الى حيث ينتخب الرئيس .
عون لم يجبنا على هذا التوجه، وكنا نظن انه مقتنع بالقيام بواجبه كقائد للجيش ، لكنه ترك القوات تنجح بتعطيل النصاب ومنع وصول عدد كبير منهم الى قصر منصور، وحده الدكتور البير مخيبر تحدى حاجزاً للقوات عند المتحف واكمل طريقه الى قصر منصور الذي لا يبعد عن الحاجز اكثر من مئتي متر
ذهبنا مطرجي وحلال وصبرا صباح الاثنين الذي تلى جلسة النصاب المفقود الى مقر قائد الجيش في الفياضية لعقد جلسة مع عون لنكتشف ما كان غافلاً عنا في شخصيته مأخوذين ربما بحماسنا له ليكون رئيساً ليخلص لبنان من سطوة الميليشيات الاسلامية والمسيحية
لا انكر اننا بدأنا الجلسة في استنكارنا لموقفه من تجاهل واجبه بتوفير الامن للنواب وحقهم بوصولهم الى المقر المؤقت لمجلس النواب
قال عون ثائراًوقد انتفض واقفاً: يعني كان بدكم ياني انا وصل النواب حتى ينتخبوا سليمان فرنجية؟ انا ما بعمل سرفيس لحدا!!
قلت للعماد عون:
جنرال اسمح لي ان اشرح لك ما حصل قبل جلسة الإنتخاب فاقدة النصاب.
جلس العماد عون في مكانه بعد ان فجر اولى شحنات غضبه ليستمع الى ما اقول فبادرته بالقول انني التقيت قبل الجلسة الميتة بالاستاذ روبير نجل الرئيس فرنجية في ردهة فندق البريستول وكان عائداً لتوه من دمشق حيث التقى نائب الرئيس عبد الحليم خدام!
اعاد عون تركيز نظره علي مستمعاً لي انقل عن فرنجية الابن قوله انه قابل خدام واجريا احصاءً (بوانتاج) لاصوات النواب الذين سيحضرون جلسة الانتخاب وكانت النتيجة انه وعلى الرغم من ان رئيس مجلس النواب السيد حسين الحسيني احتسب نصاب الجلسة وفقاً لعدد النواب الاحياء وهم نحو (73) نائباً وليس مجمل اعداد نواب المجلس ال99 الا ان النصاب لن يتوفر لإنتخاب رئيس جديد وبهذا كان يجب ان توفر الأمن ….
وقبل ان اتابع شرحي انتفض عون واقفاً من جديد يتمشى حولنا ليسألني بحدة: ومن وين هل معلومات؟
اجبته: هكذا قال لي روبير فرنجية نقلاً عن خدام!
وما ان سمع عون اسم خدام حتى قال بحدة اشد: خدام؟ هيدا اكبر كذّاب !
لم يهدأ عون حتى جاء ضابط كان في مكتب قريب يحمل كوب ماء وقدمه لقائده…
عون يفعل ما يقتنع به هو ولا يعطي جواباً نهائياً لأحد على اي مسألة، وإذا اعطى اي جواب فعلى محاوره ان يحسب حساب تغيير عون لموقفه في اي لحظة، لأنه يفترض ان الطرف الآخر يمكن ان يغير موقفه قبله!
الآن يتمترس عون عند انتخاب صهره خلفاً له وهو مقتنع بعدة امور متكاملة في ذهنه:
جبران باسيل المعبر الكامل عن سلوك وثقافة وحسابات عمه
جبران باسيل يرأس اكبر كتلة نيابية مسيحية في مجلس النواب
جبران يرأس اوسع تيار مسيحي في شارعه
جبران اكفأ وانشط واذكى سياسي في نظر عمه
من حق جبران ان يكافأ من حزب الله، بسبب العقوبات الاميركية عليه وهو ابدى من سليمان فرنجية المحسوب على آل الاسد والذي لايمثل سوى عدد قليل من المسيحيين!
يعرف عون انه اذا لم يبذل كل جهده وفي حياته لإيصال صهره الصغير الى الرئاسة فإنه لن يصل ابداً ولم يثن عون عن اصراره هذا ليست كراهية اغلب اللبنانيين بمن فيهم انصار حزب الله لصهره الصغير بل حتى اسقاط انصار عون نفسه لهذا الصهر في انتخابات التيار الوطني الداخلية.
انقذ عون صهره الصغير واركبه رئاسة تياره بالقوة وخارج النظام الداخلي للتيار، فهل ينجح عون بإركاب جبران على رئاسة الجمهورية في حياته؟
عون في سباق مع الزمن يتنافسان في من يصل أولاً … لبنان كله وبنوه اسرى هذه الرغبة وليس فقط حكومة الحريري وتشكيلات القضاء!
هل قدمنا لكم صورة وافية عمن هو ميشال عون؟
حسن صبرا