سنتان من الوهن: دولة تشبه رئيسها
ربما كان ذلك هو الهدف الذي أراد الرئيس تحقيقه، ولم يعرقل أحد من أقطاب الطوائف المتسلطين عليها، أي خطوة من هذه الخطوات التي ترتبط بمنطق المحاصصة والزبائنية، فهذه المدرسة هي الرائجة والسائدة في ممارسة السلطة واستمرارها، ولم يشذ عنها الرئيس عون على ما نرى ونسمع ونلمس.
سنتان من عمر الرئاسة والوهن والضعف باديان على نبرة الرئيس ومحياه، يكاد يشبه الدولة التي تكاد تتهاوى من شدة الفتك بأسسها، ففي هذين العامين، صار مستهجناً أن نفهم الدستور وتطبيق القانون، إلا باعتبارهما خاضعين لحسابات التوافق، وهو القناع الذي يغطي مقولة كل مسؤول هو المقرر في شؤون طائفته. باتت الميثاقية مشوهة إلى درجة لا يمكن أن تتناسب مع تطبيق الدستور والقانون، وبات كل طرف قادراً على تثميرها بما يشتهي أو بما يشتهي صاحب السلطة، والسلطة هنا ليست ناشئة من الدولة ومؤسساتها بل نابعة من الخروج على الدولة.
لعل تشكيل الحكومة اليوم، مثال صارخ على مدى العجز عن الإتيان بحكومة قادرة أن تنجز، أوأن تعبر عن رؤية مشتركة للعمل، وأن لا تكون عنوانا للمحاصصة ما بين أطرافها.
سنتان من عمر عهد الرئيس ميشال عون، والأسوأ أننا لا نجد أمامنا سوى ذكر عجز العهد وإخفاقاته في توصيف يقصد منه التلطيف احتراما لمقام الرئاسة الأولى. ندخل السنة الثالثة يا فخامة الرئيس ونحن نحاول أن نجد لغة نتفادى فيها الغرق في وحول المعاني التي رفعت باسم حقوق المسيحيين أو حقوق السنة أو حقوق الشيعة، وما إلى ذلك من وسائل تخريب الدولة باسم الطائفة التي يختصرها شبيحها، بينما بات العقلاء والكبار خارجها.
فخامة الرئيس أسرت ذاتك وشعاراتك في سجن حقوق الطوائف، ولم يصدر عنك ما يشير إلى أنك معني بنفس القوة بقضية المواطن، لقد حددت مساحة نفوذك وهي مساحة مفتوحة على الفساد، وحاشا لمثلك أن يلوث يده، ومغلقة على الإصلاح.
لقد قيدت نفسك بسور طائفي، جعل من الآخرين ملوكا في طوائفهم يحق لهم ما يحق لك، فحين يتقدم خطاب الطائفة على الدستور والقانون سيضيق الحال على الدولة وعلى الرئاسة.
تجري الأمور على هذا المنوال عندما يكون من يمثل رأس الهرم في الدولة رئيس جمهورية لبنان، فكيف إذا كان قد قزّم طموحه إلى حدود أن يكون الزعيم المسيحي الأول؟
علي الامين – جنوبية