دفاع وأمن

“الشتاء النووي” صراع روسيا مع الغرب (بقلم أدولف عيد)

على رغم شدة التوتر بين روسيا و الغرب على جبهات أوروبا الشرقية و الذي توج بحشود عسكرية ضخمة من كلا الطرفين لم نرى مثيلها منذ الحرب العالمية الثانية بالإضافة الى المناورات العسكرية التي تجري على طول الحدود بين روسيا و أوكرانيا من جهة و بين بلاروسيا التي تحد بولندا, لاتفيا و ليتوانيا من جهة ثانية, ناهيك عن مناورات البحر الأسود, هل تساءل احدنا ماذا لو!!!! فبالرغم من استبعاد اغلبية الخبراء فرضية نشوب حرب نووية كون الجميع متفق على نتائجها التي ستكون أكثر من كارثية و كون جميع من يمتلكها مقتنع انها فقط لأسباب ردعية, يبقى السؤال ماذا لو فقد احد الطرفان المتصارعان المنطق و الرشد و ذهب الى الخيار العسكري النووي؟؟؟ لا شك ان الجميع يعرف النتيجة الا و هي نهاية كوكبنا و نهاية القسم الأكبر من البشرية. فعلى سبيل المثال اذا وقعت حرب نووية بين الهند و باكستان, الحريق و الدخان اللذان سينتجان عن الضربات النووية كافيان لإحداث تغير مناخي عالمي لا تحمد عقباه. فما بالنا لو وقعت حرب عالمية ثالثة؟ كيف سيحصل هذا؟ و ما هي مختلف المراحل و الأسباب التي ستؤدي الى “الشتاء النووي”؟ دعونا نبحث بالأسباب أولا و هي الرؤوس الحربية النووية.

الانفجار النووي:
الانفجار النووي هو عبارة عن الإتيان بقطعة من الشمس و لصقها بالأرض لوقت لا يتعدى أجزاء الثانية. ينتج بعدها انفجار ضخم, حرارة مرتفعة جدا, اشعاعات نووية, موجة عصف و اخيرا يأتي التساقط النووي من خلال انتقال الغبار النووي الناتج عن الانفجار عبر الهواء او عبر الامطار و هذا يؤدي الى تلوث اشعاعي كبير يغطي مساحات شاسعة من الأراضي كما يلوث الهواء.

تـخيلوا ان العشرات من الرؤوس النووية سوف يتم رميها على عواصم عدة بلدان و مدن رئيسية مأهولة بالسكان المدنيين بالإضافة الى رميها على المنشآت الصناعية خاصة الكيميائية منها و آبار النفط و مصافي البترول و الأهداف العسكرية الملاصقة للغابات و غيرها من المرافق الحيوية ناهيك عن البراكين التي ستثور جراء الضربات النووية المتتالية و تنفث غازاتها السامة و الرماد الكثيف في الأجواء. لكم ان تتخيلوا حجم الدمار و الرعب و الموت و الأهم حجم الحرائق و كمية الدخان الأسود المرتفع في الأجواء. كل هذا سيقودنا الى ما يسمى “بالشتاء النووي” و ستكون عواقبه وخيمة على مستقبل الحياة على كوكب الأرض.

الشتاء النووي:
هي نظرية تصف تغير المناخ بعد وقوع حرب نووية بسبب كمية الدخان المنبعث جراء الحرائق و خاصة الدخان الأسود الكثيف المنبعث من المدن المحترقة و المنشآت الصناعية و الغابات و البراكين. فالدخان الأسود المنبعث سوف يسخن بفعل حرارة الشمس و هذ ما سيؤدي الى ارتفاعه اكثر و اكثر في الجو حتى يصل الى طبقة الستراتوسفير (طبقة جوية ارتفاعها عن سطح البحر يتراوح بين 10-15 كلم حيث لا هطول للأمطار التي عادة ما تغسل الأجواء من الدخان و التلوث) و من ثم يتوزع الدخان الأسود الكثيف خلال فترة اسبوعين على كامل الغلاف الجوي للكرة الارضية و يتحول الى غلافا من الغبار السميك (لا يمكن غسله بواسطة الامطار بسبب ارتفاعه الشاهق) و الذي بدوره سيحجب نور الشمس لسنوات طوال و تسود الظلمة على الأرض لفترة تتراوح بين 50 و 100 سنة. يلي الظلمة البرودة و هذا بسبب تدني درجات الحرارة الى ما دون الصفر, فيحل الصقيع و يفترش الجليد الأرض, تتلف جميع المحاصيل الزراعية و تصبح اغلبية الأراضي غير صالحة للزراعة لعدة أسباب: منها الجفاف و الصقيع بالإضافة الى التلوث الاشعاعي. هذا حتما سيودي بالناجين من الكارثة( بسبب عدم تعرض مواقعهم او بلدانهم لضربات مباشرة) الى المجاعة المحتمة.
نضف الى ذلك تلوث الأجواء بمواد كيميائية ناتجة عن الحرائق كالأسبستوس و ال ب.س.ب. و الديوكسين و التي بدورها ستحول الهواء الى كتل سامة مميتة اذا تم استنشاقه.
أما التلوث الاشعاعي الناتج عن الانشطار النووي فسيغطي مساحات شاسعة من سطح الارض و يلوث مياهها و هواءها معرضا من تبقى على قيد الحياة الى اشعاعات نووية تؤدي حتما الى امراض سرطانية قاتلة (ما من علاج متوفر).

هنا سيعتقد البعض ان السكن قرب البحار و المحيطات سيجنبه الصقيع و درجات الحرارة المتدنية (المياه تأخذ وقتا اكثر من سطح الارض لكي تتجمد) و انه سيستفيد من الصيد البحري كي يتمكن من الاستمرار في العيش فهو مخطئ تماما.
فبسبب الظلام المخيم على سطح الأرض و بالتالي غياب اشعة الشمس لن تتمكن نباتات البحار و المحيطات من النمو و هذا سيؤثر سلبا على السلسلة الغذائية للأسماك مما يؤدي الى نفوقها. أما الاختلاف الكبير في درجات الحرارة بين سطح الأرض و اسطح البحار و المحيطات سيؤدي حتما الى اعاصير مما سيشل عمليات الصيد البحري و حرمان الناجين من مصدر عيش آخر.
أما طبقة الأوزون فسيلحق بها ضررا كبيرا جراء الانفجارات النووية و هذا ما سيسهل تعرض الناجين لإشعاعات كونية مميتة آتية من الفضاء الخارجي.

لا شك انه سوف يكون هناك Survivors
ولكن بأي ثمن؟ حياة بدائية, خوف, امراض من دون ادوية (اغلبها قد دمر بالقصف أو على الأقل اصبح ملوثا اشعاعيا) لا اتصالات, لا طعام نظيف لا شراب نظيف, برد قارس, يأس…إنه المجهول!
هذه كلها سيناريوهات مؤكدة كون هذا ما حصل تماما قبل حوالي 68 مليون سنة حين اصطدم نيزك ضخم بالأرض و أدى الى اختفاء معظم الحيوانات آنذاك و على راسها الدينوصورات.
أما بالنهاية فلا يسعنا القول الا:” اتقوا الله و حلوها سلميا”.

أدولف عيد

Show More

Related Articles

Back to top button