زيارة لاريجاني إلى لبنان… إحراج دياب وأهداف أخرى
طوني بولس – اندبندنت
من الصعب فصل زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت عن مسار الصراعات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، لا سيما أن الضيف الإيراني وصل إلى لبنان آتياً من سوريا. واللافت أن الوفد الإيراني هو أول وفد رسمي أجنبي يزور بيروت بعد أقل من أسبوع على نيل حكومة الرئيس حسان دياب الثقة في المجلس النيابي. ما طرح سلسلة تساؤلات عن افتتاح بدء دياب ولايته بلقاء مع مسؤول ايراني؟
وكان لاريجاني قد صرح قبيل سفره إلى دمشق التي انتقل منها إلى بيروت، بأن هناك حاجة إلى “حوار وتشاور أوثق بشأن القضايا المختلفة”، بسبب المؤامرات في المنطقة. وأضاف أن “سوريا ولبنان دولتان مهمتان في محور المقاومة”. فكان صدى ذلك، في لبنان، هو أن هدف الزيارة هو تأكيد دور لبنان المحوري في الاستراتيجية الإيرانية وزيادة التنسيق بين ما يسمى دول “الممانعة” بقيادة طهران.
والملاحظ أن الإعلان عن هذه الزيارة أتى من السفارة الإيرانية في لبنان.
لبنان قاعدة مواجهة
وتشير المعلومات إلى أن إيران تسعى إلى ترسيخ التنسيق بين أذرعها في الخارج بقيادة حزب الله لتولي مهمة الدفاع عن طهران والانتقام من الولايات المتحدة الأميركية عبر شن هجمات على قواعد عسكرية أميركية في سوريا والعراق تحت عنوان الانتقام لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وتلفت المعلومات إلى أن هناك توجهاً إيرانياً للتصعيد انطلاقاً من أراضي المحور الإيراني، معتبرة أن خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ودعوته إلى مقاطعة البضائع الأميركية والاستعداد لمزيد من الضغط الاقتصادي نتيجة العقوبات الأميركية أتى بناء على تعليمات إيرانية بعدم المهادنة وتهيئة الأجواء الشعبية لتحمل الضغط المقبل تحت عنوان “الجهاد الاقتصادي”.
وقد زار لاريجاني رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والوزراء حسان دياب، ونصر الله، وذكّر بأن “حزب الله هو سند للشعب اللبناني واستطاع أن يتصدى للإرهاب”.
استيلاء إيراني
من ناحيته رأى الوزير السابق اللواء أشرف ريفي أن زيارة لاريجاني لسوريا ثم لبنان تعجل فشل حكومة دياب، وهي دليل واضح على هوية الحكومة الحالية والاستيلاء الإيراني على القرار السياسي والأمني في لبنان، معتبراً تزامن الزيارة مع رفع تمثال لسليماني في الجنوب هو مؤشر لنية إيران تحويل لبنان إلى ساحة إقليمية لمواجهة المجتمعين العربي والغربي.
ورداً على تصريحات لاريجاني خلال زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون قال ريفي “ارفعوا أيديكم عن لبنان كي يبقى حراً سيداً مستقلاً، مشروع الهيمنة والوصاية الإيرانية سيسقط عاجلاً أم آجلاً لأنه مناقِض لحريات الشعوب وأحلامها في مستقبلٍ أفضل، تحرير لبنان من وصايتكم هو المدخل للإنقاذ”.
وتابع بالقول إن إيران لم تقدِّم للبنان إلا الخراب والدماء، “لا تبنوا أوهاماً من هيمنة سلاح أداتكم على وطننا، اللبنانيون خُلقوا أحراراً وسيبقون أحراراً”، وأضاف “قريباً تسمعون صوت الأحرار يصرخون: بيروت حرة حرة وإيران برّا برّا”.
إعلان الحرب
وفي السياق نفسه لفت الناشط السياسي والمحامي لؤي غندور إلى أن زيارة لاريجاني إلى لبنان تشكّل تحدياً لمكونات المجتمع اللبناني المعارضة لأسلوب حزب الله ونهجه، كما تشكل تحدياً واضحاً للمجتمع الدولي ولأميركا على وجه التحديد، حيث تهدف الزيارة بشكل مباشر إلى توجيه رسالة واضحة لإدارة ترمب مفادها أن لبنان لنا ونحن أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة فيه من خلال أدواتنا التي تسيطر على مفاصل الحكم فيه.
وأضاف “أن هذه الرسالة تتزامن مع رفع تمثال ضخم لسليماني، الأمر الذي يشكل بدوره خرقاً لكافة المفاهيم والأعراف والقوانين اللبنانية والدولية، ويشكل ما يشبه إعلان الحرب من لبنان بوجه أعداء إيران”.
وقال “لا يمكننا الفصل بين زيارة لاريجاني وكلمة نصر الله الأخيرة والتي مهّد فيها لرسالة لاريجاني حين قال إن جميع اللبنانيين هم مع خيار المقاومة”، مشدداً على أن مجموع هذه الخطوات الاستفزازية سوف تؤدي حتماً إلى خسارة حزب الله لما تبقى له من الحاضنة الداخلية مما سيعجّل في أفوله.
إحراج رسمي
في حين اعتبر النائب عماد واكيم أن زيارة الوفد الإيراني بيروت تُحرج سياسة لبنان تجاه المجتمع العربي والدولي، في لحظة يتطلع فيها لبنان إلى الخارج للحصول على مساعدات اقتصادية تنقذه من الأزمة الحادة التي يمر بها.
ولفت إلى أن توقيت الزيارة لتكون إيران الدولة الأولى التي يزور موفدها لبنان. ما يضع كثيراً من علامات الاستفهام حولها، خصوصاً أن نصر الله اعترف علناً أن الصبغة الإيرانية لدياب يؤثر سلباً في إمكانية تحسين علاقاتها الخارجية وإمكانية تفعيل المؤتمرات الاقتصادية المرابطة بلبنان.
دعم إيراني
في المقابل، رفض مصدر حكومي وضع الزيارة الإيرانية في سياق الهيمنة على الحكومة اللبنانية، معتبراً أنها زيارة طبيعية بين دولتين لديهما تبادل ديبلوماسي. وشدد على أن اللقاء الذي جمع لاريجاني ودياب كان له طابع التهنئة بالحكومة الجديدة، وأبدى الجانب الإيراني الاستعداد للوقوف إلى جانب لبنان في التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها. وهي أتت بدعوة رسمية من رئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث في مسائل برلمانية.
وحول نية إيران تقديم مساعدات للبنان في مجالي الكهرباء والأدوية، أجاب “هذا أمر تقرره الحكومة”.
لا موعد خليجياً لدياب
تشير المعلومات إلى أن مراجع قريبة من دياب سربت أخباراً تتعلق بجولة قريبة لدياب على عدد من دول الخليج ودول عربية أخرى، بهدف التخفيف إعلامياً من تداعيات الزيارة الإيرانية التي افتتحت الحكومة الجديدة علاقاتها الخارجية من خلالها.
وفيما تؤكد المعلومات أن أي دولة خليجية لم تسجل موعداً لدياب حتى الآن، تلفت إلى أن الحكومة لم تتلق أي جرعة دعم من الدول المؤثرة عربياً ودولياً، كون تموضعها السياسي بات واضحاً.
سليماني على الحدود
زيارة لاريجاني للبنان جاءت غداة أزاحه “حزب الله” الستار عن تمثال لسليماني، في بلدة مارون الراس الحدودية جنوب لبنان. وانتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحظة إزاحة الستار، ويظهر سليماني وخلفه علم فلسطين مشيراً إليها بإصبعه. فتوالت على الاثر التعليقات المؤيّدة منها والمعارضة، وانتقد معظمها سعي “حزب الله” وبشكل تدريجي لتحويل لبنان إلى مقاطعة تابعة لإيران. وغردت الوزيرة السابقة مي شدياق عبر حسابها على تويتر “بعد جادة الإمام الخميني على طريق المطار، حزب الله يحتفل بإزالة الستارة عن نصب لسليماني في الجنوب! لماذا الإصرار على تغيير هوية لبنان وإدخاله في صراع المحاور! أين النأي بالنفس؟ كل يوم يؤكد الحزب أنه فرع للحرس الثوري الإيراني ووليه الفقيه وليس لبنانياً!”.
في المقابل، لا يستبعد مراقبون أن تكون واشنطن قد جهزت عقوبات قاسية على لبنان، أهمها وقف المساعدات لمؤسساته الأمنية، إذا ثبتت التقارير التي تحدثت عن تسلم نصر الله قيادة تدخلات إيران في المنطقة خلَفاً لسليماني، وتجهيزه جبهة موحدة مع الميليشيات العراقية لمواجهة الولايات المتحدة.