تايتنك.. والقبطان الأحمق
Status | عماد قميحة | 19 حزيران 2019
كاد تكون هي المرة الأولى التي أتفق فيها مع فخامة الرئيس وما نقل عن تشبيهه الوضع بلبنان بوضع سفينة التايتنك “التي كانت تغرق ببطء بينما ركابها يرقصون في صالوناتها غير مدركين للخطر الملم بها، إلى أن كانت الكارثة”.
وبالعودة إلى تلك الكارثة المفجعة التي حصلت منذ اكثر من مئة عام (1912) وراح نتيجتها أكثر من 1500 شخص، فإن معظم الدراسات والأبحاث التي تناولت الكارثة وأسبابها توصلت الى تحديد مسؤولية الغرق إلى مجموعة أسباب أهمها:
– وجود خلل في تصميم السفينة وصناعتها فلم تكن صناعة السفينة متقنةً وفي أعلى مستويات الجودة، حيث استخدمت مسامير منخفضة الجودة في بعض أجزاء السفينة ممّا أدى إلى تكسرها مباشرةً أثناء الإصطدام.
– السير بسرعة كبيرة: كان قائد سفينة التايتنك يسير بسرعةٍ كبيرةٍ جدًا على الرغم من كافة التحذيرات التي تمّ إرسالها له، ممّا أدى إلى عدم السيطرة عليها وبالتالي تحطمها والتسبب بعدد كبير من الوفايات.
– نقص في قوارب النجاة: كانت السفينة تحمل عددًا قليلًا وغير كافٍ من قوارب النجاة، حيث إنّ هذه القوارب لم تكن تتسع لجميع ركاب السفينة، ولم ينجو إلّا من استطاع استخدام هذه القوارب بينما غرق البقية.
والأهم من هذا وذاك هو ما كشفت عنه بعض التحقيقات بأنّ كابتن السفينة قام بتجاهل كل رسائل التحذير التي تلقاها ولم يهتم بها، ولم يتوقع أن تكون النتيجة كارثيةً إلى هذا الحد.
ويروي أحد الركاب الناجين، بعد أن تعافى من هول المصيبة، وسرده هول ما أصابهم واللحظات التي عاشها الركاب ومشاهداته بأم عينه غرق أصدقائه المقربين، الّا أن المفاجأة كانت حين اتى على ذكر القبطان فخنقته العبرة وظهر على وجهه علامات الغضب والغيظ، حين استذكر كيف أن قبطان السفينة والمسؤول عن قيادتها والمعني الأول والأخير بوصولها سالمة معافاة إلى بر الأمان دخل علينا إلى احدى صالات الرقص حيث كنا نعيش أجمل لحظات الفرح والسعادة، وتختلط في اجواء الصالة المويسيقى الصاخبة مع دخان السجائر وكركعة الكؤوس، وكانت الضحكات والقهقهات المرتفعة تطغى على أصوات هدير محركات السفينة المزعجة.
عمّ الصمت للحظات، لأن الموسيقى توقفت فجأة بأمر مباشر من القبطان، فتجمدنا جميعنا وتوجهنا بأنظارنا نحو الفرقة الموسيقية لنستكشف الأمر، ولا أستطيع أن أنسى تلك اللحظة، حيث كان القبطان يتوسط الفرقة الموسيقية بجانب عازف البيانو واقفًا بثوبه البرتقالي منتظرًا توجه الجميع وانصاتهم له منشغلًا بإشعال سيجاره الضخم.
وحين عمّ الصمت كل الأرجاء، توجه الينا بخطاب لم نفهم منه شيئًا، فراح يخبر عن غرفة القيادة وعن المسؤوليات التي يقوم بها، والإنجازات الضخمة التي يحققها بقيادة السفينة وما إلى هنالك، ونهى خطابه بعبارة جعلت الجميع ينظر واحدنا إلى الاخر باستغراب حين قال: “أيها الركاب الطز، أنتم هنا ترقصون وتتسامرون والسفينة سوف تصطدم بعد ساعات بجبل الجليد؟؟!! قال كلمته وخرج”.
طبعًا نحن لم نستوعب ما قاله، ولم نصدق تحذيراته ظنًا منّا أنه قبطان ماهر فقد أخبرتنا الشركة المالكة أن الرحلة بقيادة القبطان “إدوارد چون سميث” الذي كان أكبر قباطنة وايت ستار لاين سنًا، وكانت لديه خبرة أربع عقود في الملاحة البحرية وخدم كقبطان “آر إم إس” أوليمپيك حيث انتقل إلى تيتانيك! لهذا كنّا مطمئنين.. ولم ندرك الّا بعد الإصطدام والغرق ووقوع الكارثة، إنّ إدوار هذا ليس الّا عجوز أحمق، والّا كيف له أن يترك مسؤوليته بانقاذ السفينة ويضع اللوم علينا نحن الركاب؟؟!!