خسائر عنيفة تلاحق الريال الايراني
في تعاملات الإثنين، تراجع الريال الإيراني بشدة أمام الدولار الأميركي ليبلغ سعر العملة عتبة 150 ألف ريال إيراني لكل دولار أميركي واحد .
وذكرت وكالة “تسنيم” المقربة من الحرس الثوري، أن الدولار تم تداوله في مكاتب الصرافة في البنوك بقيمة 140 ألفاً و700 ريال، فيما ذكرت مواقع اقتصاديّة وحسابات عبر مواقع التواصل أن الدولار بلغ في سوق الصرافة 150 ألف ريال إيراني.
و انخفضت قيمة الريال الإيراني مقارنة بالدولار منذ 8 مايو (أيار) 2018 بنسبة 57% في الأسواق الحرّة، ما أنتج ارتفاعاً حاداً في أرقام التضخم، التي باتت تلامس نسبة 51% على أساس سنوي، مقارنة بنحو 8% قبل عام، وليس الحديث إلا عن النسب الرسمية، ولا تتبع المرتبات النسق التصاعدي.
وفقد الريال الإيراني ثلثي قيمته خلال العام الماضي لأسباب مختلفة، بما في ذلك انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة جميع العقوبات ضد إيران.
وأحدثت العقوبات اضطرابات في السوق الإيرانية، إذ وصل سعر الدولار في السوق الحرة إلى نحو 190 ألف ريال في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويؤثر ارتفاع الأسعار بشكل خاص على المواد الغذائية، ويقول مصدر في الصناعات الغذائية “زدنا أسعارنا بنسبة 70% منذ 21 مارس (آذار) 2018” (بداية السنة الإيرانية 1397)، ويضيف “بلا شك، سيتعيّن علينا الزيادة بـ20% حتى شهر يوليو (تموز)”.
وفي بعض محلات العاصمة، بات من الصعب العثور على اللحوم الحمراء، كما أصبح الفستق الذي يحضر عموماً على كل طاولات الأفراح، بمثابة ترف غير متاح بالنسبة إلى كثيرين.
ما مصير الإيرانيين مع وقف بيع النفط؟
وجاء الإعلان الأميركي بوقف الإعفاءات على مبيعات الخام الإيراني ليفاقم جواً من الأسى والنزعة الحتميّة في العاصمة، فيتساءل أحد سكّان طهران “ماذا سيحل بهذا البلد إذا لم يعد بمقدوره بيع النفط على الإطلاق؟”.
اختارت إيران البقاء ضمن الاتفاق النووي ومواصلة التزاماتها، التي تعهدت بها في فيينا في مقابل الانسحاب الأميركي.
ويرى دبلوماسي، أنّ الحكومة الإيرانية التي تواجه صعوبات حقيقية مرتبطة بأثر “إعادة فرض العقوبات، تبدي حتى الآن براغماتية عالية”.
رغم ذلك، يزعج طهران ما ترى فيه عجزاً أوروبياً عن التحرر من واشنطن، وإنقاذ الاتفاق النووي عبر السماح للجمهورية الإسلامية بالاستفادة من الفوائد الاقتصادية المتوقعة.
ويحذّر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي باستمرار من أنّ “ثمة حدوداً” لصبر إيران.
فشل الالتفاف على العقوبات
ولم يُستتبع إنشاء فرنسا وألمانيا وبريطانيا نظام مقايضة في نهاية يناير (كانون الثاني) يسمح بتبادلات محدودة بين أوروبا وإيران عبر الالتفاف على العقوبات الأميركية، بأي تعامل ملموس حتى الآن.
ويعتبر الباحث المتخصص في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كليمان تيرم، أنّ “إيران ستحتاج إلى أوروبا ذات سيادة على الصعيد الاقتصادي من أجل المواصلة وفق الوضع الراهن، بلا الولايات المتحدة، في إطار الاتفاق النووي”.
غير أنّه يضيف أنّ المشهد “يفرض على إيران مواصلة الحوار السياسي مع أوروبا لتجنّب انسجام أميركي – أوروبي وإنشاء جبهة موحدة بوجه الاقتصاد الإيراني”.