الحزب وداعموه… “نعم” للعقوبات، “لا” للاستثمارات

هنري ضومط
تكشف أوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” عن لائحة عقوبات أميركية جديدة شارفت على الانتهاء، ستصدر قريبًا وتشمل كل من قدّم الدعم أو المساعدة لـ”حزب الله” في الداخل والخارج، مرجّحة الإعلان عنها الأسبوع المقبل، قبل وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى بيروت… هذا ما أتى اليوم في أسرار “النهار”
هذا المسار الذي يُعدّ صادمًا للبنانيين عمومًا، وللبعض المصرّ على إبقاء ما قبل “الطوفان” كما هو بعده، يتناقض تمامًا مع ما قامت به الدول المعنية — وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية والخليجية وحتى روسيا — تجاه الدولة السورية بنظامها الجديد برئاسة أحمد الشرع، حيث تم رفع العقوبات وقانون قيصر، وبدأ تدفّق المساعدات والاستثمارات السخية والوعود بمزيد من الانتعاش والازدهار والتعافي.
وبدل أن يكون لبنان سبّاقًا في جذب الاستثمارات والمساعدات، ومن أوائل من يطلق خطة للتعافي الاقتصادي بدعم من الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار المشروط بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، نرى تردّدًا ومراوغة من قبل من بيده القرار أو من أفلت القرار من يده في خرق واضح لما نصّ عليه اتفاق الطائف والقرارات الدولية وخطاب القسم والبيان الوزاري.
بدل أن يتّجه الحزب المعني أولًا إلى تنفيذ ما تعهّد به، نراه مهدِّدًا ومعطِّلًا، متفاخرًا باستفزاز الأصدقاء والأعداء على السواء، ساعيًا إلى “استعادة عافيته” والحفاظ على سلاحه، بدعم وتواطؤ من بعض القوى الحليفة وفي مقدّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبصمت المتخاذلين والخائفين والمتردّدين. وقد عبّر موفد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدته الأخيرة عن ذلك قائلًا إنهم “مقيّدون بهيمنة حزب الله السياسية والخوف من الاضطرابات المدنية”، محذّرًا من أن “العقوبات العتيدة” و”الحرب غير البعيدة” باتتا أقرب مما يظنّ البعض.
وأشار الموفد إلى أن واشنطن كانت قد عرضت في وقتٍ سابق خطةً جديدة تقوم على نزع السلاح على مراحل، مقابل امتثال موثّق وحوافز اقتصادية بإشراف الولايات المتحدة وفرنسا، لكن لبنان رفض تبنّيها بسبب نفوذ حزب الله في مجلس الوزراء، ما أدى إلى استمرار الشلل الحكومي والطائفي. وفي المقابل، تجاهلت إسرائيل كل مؤشرات “حسن النية”، معتبرة أن الخطاب اللبناني “لا يتطابق مع الواقع”.
أما الموفد الأميركي برّاك، المتوقع وصوله إلى بيروت بالتزامن مع السفير الجديد والعقوبات المرتقبة، فقد قال بوضوح: “مع استقرار دمشق، يزداد حزب الله عزلةً. السيطرة الخارجية للميليشيا تُقوّض سيادة لبنان وتُعيق الاستثمار وتُضعف ثقة الجمهور. الشركاء الإقليميون مستعدّون للاستثمار، شرط أن يستعيد لبنان احتكار القوة الشرعية تحت قيادة الجيش وحده. إذا استمرت بيروت في التردّد، فقد تتحرّك إسرائيل بشكلٍ أحادي، وستكون العواقب وخيمة.”
وختم قائلًا: “نزع سلاح حزب الله ليس ضرورةً أمنية لإسرائيل فحسب، بل هو فرصة لبنان للتجديد. فبالنسبة لإسرائيل، يعني ذلك حدودًا آمنة، وبالنسبة للبنان، يعني استعادة السيادة وفرصةً للانتعاش الاقتصادي.” وحيث لا ينفع الندم ولا “لو كنت أعلم”.