مريم رجوي: إيران على أعتاب مرحلة جديدة
المؤتمر والاحتفال الستيني أبرز أن إيران تقف على أعتاب مرحلة جديدة من الانتفاضة والتغيير، وأنّ الخيار الثالث يحظى بقبول دولي متزايد.

بروكسل – شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، في السادس من سبتمبر 2025، مظاهرة حاشدة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، شارك فيها آلاف الإيرانيين من مختلف دول أوروبا، إلى جانب شخصيات سياسية بارزة من الولايات المتحدة وأوروبا. وقد مثّل هذا الحدث علامة فارقة في مسيرة المنظمة، ورسالة قوية تؤكد دخولها مرحلة جديدة من المواجهة مع نظام ولاية الفقيه.
وتأسست منظمة مجاهدي خلق عام 1965 وخاضت منذ بداياتها مواجهة شرسة مع نظام الشاه، بلغت ذروتها بإعدام مؤسسيها وعدد من قادتها عام 1972. ورغم ذلك، تمكنت من استعادة نشاطها والاضطلاع بدور محوري في الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي عام 1979. غير أنّ صدامًا دمويًا نشأ سريعًا مع النظام الجديد القائم على ولاية الفقيه، انتهى بمجازر واسعة أبرزها إعدامات صيف 1988 التي طالت آلاف السجناء السياسيين، معظمهم من أعضاء المنظمة.
ورغم القمع الداخلي، واصلت المنظمة نشاطها في الداخل والخارج، وأصبحت مؤتمراتها السنوية، ولا سيما تجمع “إيران الحرة”، محطات سياسية لافتة تحشد فيها الدعم لقضيتها على الصعيدين الشعبي والدولي.
مظاهرة بروكسل ورسائلها
المظاهرة التي انطلقت من ساحة “الأتوميوم” في بروكسل جمعت حشدًا غفيرًا من الإيرانيين والجاليات العربية والإسلامية. وألقت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كلمة مباشرة في المظاهرة لأول مرة منذ سنوات، إلى جانب مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي السابق، وشخصيات أوروبية وأميركية معروفة مثل غاي فرهوفشتات، باتريك كندي، وجون بركاو.
أجمع المتحدثون على أنّ المقاومة المنظمة التي تقودها رجوي تمثل البديل الديمقراطي الوحيد للنظام الإيراني، وأنّ البديل جاهز ومنظم، خلافًا لدعاية طهران التي تزعم عدم وجود بديل.
رجوي من جانبها أكدت أنّ المجلس الوطني للمقاومة، ببرنامجه ذي النقاط العشر، يسعى لنقل السيادة إلى الشعب الإيراني، ويرفض دستور ولاية الفقيه وسياسة الحروب. كما شددت على دور المنظمة في كشف مشروع النظام النووي، والدفاع عن المساواة بين الرجل والمرأة، معتبرة أنّ إيران تقف على أعتاب مرحلة جديدة من النهوض والانتفاضة.
د. سنابرق زاهدي: النظام في أضعف حالاته
على هامش المظاهرة، أوضح د. سنابرق زاهدي، رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن هذه السنة تختلف عن سابقاتها لسببين: الأول أنها الذكرى الستون لتأسيس المنظمة، والثاني أنّ النظام يعيش أضعف مراحله، بينما نجحت مجاهدي خلق في إعادة بناء صفوفها بشكل كامل.
وأشار إلى أنّ الشعب الإيراني لم يعد يحتمل أوضاع الفقر والتضخم وانعدام الحريات، وأن النظام يواجه عزلة إقليمية بعد تعثر مشاريعه في سوريا والعراق واليمن ولبنان. كما أنّه يمرّ بأزمة دولية خانقة، فيما تحظى المقاومة الإيرانية بدعم برلمانات في أربعين دولة وأكثر من مئة قائد دولي سابق وعشرات من حاملي جائزة نوبل.

زاهدي شدد على أن المنظمة تطرح “الخيار الثالث” للتعامل مع الأزمة الإيرانية، وهو إسقاط النظام بيد الشعب ومقاومته المنظمة، رافضةً كليًا خيار الحرب الخارجية أو سياسة المسايرة مع الملالي. وأوضح أن المقاومة لا تطلب من الغرب مالًا أو سلاحًا، بل فقط الاعتراف بحق الشعب في التغيير.
تاريخيًا، حافظت المنظمة على علاقات إيجابية مع الدول العربية، بعكس سياسات الشاه والملالي القائمة على الشوفينية والتدخل. كما كانت الجهة الأولى التي كشفت مشروع إيران النووي، مؤكدة أنّه مشروع ضد وطني يهدد شعوب المنطقة ويستنزف ثروات الإيرانيين.
برنامج إيران المستقبل
وفق برنامج المجلس الوطني للمقاومة، فإن مستقبل إيران سيُحدده الشعب عبر مجلس تأسيسي منتخب خلال ستة أشهر من سقوط النظام. وسيقوم المجلس بصياغة دستور جديد يطرح للاستفتاء الشعبي.
البرنامج يؤكد على الحريات الأساسية والمساواة أمام القانون دون امتيازات دينية أو مذهبية، كما يتضمن مشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران، ويشدد على المساواة الكاملة بين الجنسين، ومنح النساء مواقع قيادية في مختلف المجالات.
ولم تكن الذكرى الستون لمجاهدي خلق مجرد احتفال رمزي، بل محطة لإبراز أنّ المنظمة باتت أكثر استعدادًا من أي وقت مضى لقيادة مرحلة التغيير. رسالتها واضحة: لا للحرب، لا للمساومة، نعم لتغيير بيد الشعب ومقاومته. ومع تصاعد الغضب الشعبي وتزايد الدعم الدولي، تبدو إيران مقبلة على مرحلة حاسمة من تاريخها السياسي.