خطاب خامنئي اليوم: اعتراف بالعجز وتصاعد عزلة النظام في مواجهة انتصارات المقاومة الإيرانية

في كلمة ألقاها اليوم خلال مراسم إحياء ذكرى الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، حاول المرشد الأعلى علي خامنئي أن يظهر بمظهر الممسك بزمام المبادرة في مواجهة الضغوط الدولية، لكن مضمون خطابه كشف عن حالة من الارتباك والقلق العميقين داخل النظام، خاصة في ظل تصاعد العزلة الدولية وتنامي دعم المقاومة الإيرانية على الساحة الإقليمية والدولية.
استهل خامنئي خطابه بالتشكيك في جدوى المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، قائلاً: “لا نتوقع نتائج مثمرة من المفاوضات الجارية مع أمريكا، ولا نعرف ماذا سيحدث”. هذا التصريح يُعد اعترافاً صريحاً بفشل جولات التفاوض السابقة، بما فيها تلك التي جرت في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وعدم قدرة النظام على تحقيق أي مكاسب ملموسة. كما شدد على أن إيران لن تنتظر إذناً من أحد فيما يتعلق ببرنامجها النووي، واصفاً تصريحات واشنطن حول منع إيران من تخصيب اليورانيوم بأنها “كلام فارغ” و”وقاحة زائدة”.
في الوقت ذاته، حاول خامنئي أن يُظهر صلابة في موقف النظام، مؤكداً أن طهران لن ترضخ للتهديدات ولن تجلس إلى طاولة المفاوضات تحت الضغط. لكن خلف هذا التشدد الظاهري، برزت حالة من الشك وعدم اليقين، حيث أقر بأن المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن لم تسفر عن أي نتائج، وأن مستقبل الحوار لا يزال غامضاً. في المقابل، حاول بعض المسؤولين، مثل وزير الخارجية عباس أراغتشي، التخفيف من حدة الخطاب عبر الإشارة إلى إمكانية أن تساهم المفاوضات مع الولايات المتحدة في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، وأن هناك تغيراً إيجابياً في مواقف بعض الدول الخليجية تجاه الحوار مع إيران.
هذا التناقض في الخطاب الرسمي يعكس حالة انقسام داخل النظام بين جناح متشدد يرفض أي تنازل أو حوار حقيقي، وجناح آخر يدرك خطورة العزلة الدولية ويسعى للخروج من المأزق عبر التفاوض مع الغرب.
خطاب خامنئي جاء في وقت حساس يشهد فيه النظام الإيراني سلسلة من الإخفاقات المتتالية داخلياً وخارجياً. فقد حققت المقاومة الإيرانية في الأشهر الأخيرة انتصارات دبلوماسية وسياسية مهمة، تمثلت في صدور قرار بأغلبية ساحقة في مجلس النواب الأمريكي يدعم مطالب الشعب الإيراني في التغيير الديمقراطي ويؤيد برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. كما أصدرت غالبية أعضاء البرلمان البريطاني بياناً مشتركاً يطالب بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية ويدعم حق الشعب الإيراني في تقرير مصيره. وفي البرلمان الإيرلندي أيضاً، عبّر تحالف واسع من النواب عن دعمهم للمقاومة الإيرانية وبرنامجها الديمقراطي، وطالبوا بمحاسبة النظام على انتهاكات حقوق الإنسان وتهديداته النووية.
هذا الزخم الدولي غير المسبوق يعكس تغيراً جوهرياً في موقف المجتمع الدولي تجاه النظام الإيراني، ويمنح المقاومة الإيرانية شرعية متزايدة كبديل ديمقراطي حقيقي. في حين يواصل خامنئي ترديد شعارات “الاقتدار” و”الاستقلال”، تظهر الوقائع أن نظامه بات أكثر عزلة من أي وقت مضى وفقد شرعيته داخلياً وخارجياً. الاعتراف الدولي المتزايد ببرنامج مريم رجوي ذي العشر نقاط، ودعم البرلمانات الغربية للمقاومة، يبعث برسالة أمل واضحة للشعب الإيراني: مستقبل إيران يُصنع بإرادة شعبها ومقاومتها المنظمة، لا باستمرار الاستبداد الديني.
في الختام، يظهر خطاب خامنئي اليوم كدليل على عجز النظام عن مواجهة التحديات، في مقابل تقدم المقاومة الإيرانية وتزايد الدعم الدولي لها. وبينما يزداد النظام عزلة وانغلاقاً، تزداد فرص التغيير الحقيقي لصالح الحرية والديمقراطية في إيران.