ازدواجية المعايير في تعريف الإرهاب: المعارضة السورية مثلاً
شكلت المعارضة السورية نموذجًا حيًّا يعكس التزامًا وانضباطًا وقدرات قتالية عالية، رغم محاولات النظام السوري تشويه صورتها عبر الإعلام المحلي والدولي. فقد أظهرت الوقائع الميدانية، خاصة في معارك حلب وحماة، أن قوات المعارضة تصرفت كجيش محترف يتبنى أخلاقيات الحرب، حيث تعاملت بإنسانية مع الأسرى وامتنعت عن الانتقام، ما يدحض الروايات التي روج لها النظام لتشويه سمعتها. علاوة على ذلك، أظهرت المعارضة وعيًا بأهمية الاستقرار في المناطق المحررة، من خلال إدارة مدنية منظمة شملت توفير الخدمات الأساسية وضمان الأمن.
رغم ذلك، ظل تعريف الإرهاب محكومًا بازدواجية المعايير على الساحة الدولية، حيث تُصنّف الجماعات السنية المسلحة، كتهديد عالمي، بينما يتم التغاضي عن أفعال الميليشيات الشيعية المسلحة، مثل حزب الله والحشد الشعبي، بحجة ارتباطها بمصالح جيوسياسية معينة. هذا التناقض يعكس استخدام الدول الكبرى لتعريف الإرهاب كأداة سياسية، تخدم أجنداتها أكثر مما تلتزم بمبادئ العدالة الدولية.
إيران، الداعم الرئيسي للميليشيات الشيعية، تقدم مثالًا واضحًا على هذا التناقض. فرغم إدراك الغرب للدور التخريبي لإيران في دعم الجماعات المسلحة ورعاية الإرهاب، إلا أن استجابته تأتي متناقضة، تتراوح بين فرض عقوبات ومهادنة تحت ذرائع تتعلق بالمصالح الاقتصادية والسياسية.
يلعب الإعلام دورًا أساسيًا في تشكيل هذه المعايير المزدوجة، حيث يركز على العمليات العسكرية السنية ويُضخمها، بينما يغض الطرف عن جرائم الميليشيات الشيعية، مبررًا ذلك بأنها جزء من صراعات محلية. هذه المنهجية الإعلامية تُبرز أن تعريف الإرهاب ليس معيارًا أخلاقيًا أو قانونيًا عالميًا، بل هو انعكاس لمصالح القوى الكبرى.
نحو حلول متوازنة:
صياغة تعريف عالمي موحد للإرهاب: يعتمد على معايير قانونية وأخلاقية شاملة، بعيدًا عن التحيزات الطائفية والجيوسياسية.
محاسبة جميع الأطراف دون تمييز: من خلال دعم العدالة الدولية لضمان مساءلة كل من ينتهك حقوق الإنسان.
تقليل التدخل الدولي في شؤون الشرق الأوسط: لإفساح المجال أمام حلول نابعة من الداخل، تعكس مصالح الشعوب بعيدًا عن استغلال القوى الخارجية.
بهذه الخطوات، يمكن تقليل الآثار السلبية لازدواجية المعايير وتعزيز الاستقرار في المنطقة.