تحت المجهر

الاستراتيجية الدفاعية تُرسم في مؤسسات الدولة… لا في أوكار الميليشيات!

لم يحدث في تاريخ أي دولة ذات سيادة أن تشاركت مع ميليشيا خارجة عن القانون، أو منظمة إرهابية، أو كارتل مخدرات، في رسم استراتيجيتها الدفاعية. فهذه المهمة الحصرية تعود فقط إلى الدولة، وإلى مؤسساتها الشرعية من جيش وقيادة عليا وأجهزة أمنية. أما في لبنان، فيُراد لنا أن نقتنع بالعكس: أن يكتب “حزب الله” الاستراتيجية الدفاعية على قياسه، وأن تُفرض بقوة السلاح على سائر اللبنانيين.

ما يُسمى “حزب الله” ليس حزبًا سياسيًا، ولا حركة مقاومة. إنه منظمة إرهابية موصوفة ومصنّفة، تمسك برقاب اللبنانيين منذ سنوات، عبر السلاح والتهديد والاغتيال. والأخطر أنه ارتكب جريمة موصوفة بحق الوطن في اجتياح بيروت في 7 أيار 2008، حين أنزل سلاحه إلى شوارع العاصمة، واعتدى على المواطنين، وقتل وجرح العشرات، وسيطر على أحياء بأكملها، في مشهد لا يختلف عن انقلاب عسكري دموي.

على مدى السنوات، كان سلاح “حزب الله” الغطاء لارتكاب جرائم اغتيال طالت خيرة السياسيين والمفكرين اللبنانيين، بدءًا من رفيق الحريري، مرورًا ببيار الجميل، وجبران تويني، وسمير قصير، ووليد عيدو، وأنطوان غانم، وغيرهم من الشهداء الذين سقطوا فقط لأنهم قالوا “لا” لهيمنة “حزب الله”.

فأي دولة يمكن أن تتعايش مع قاتل يُملي شروطه عليها؟ وأي دستور يُبيح لميليشيا أن تمسك بقرار الحرب والسلم؟ وأي مسؤول، مهما علا شأنه، يحق له أن يتواطأ على السيادة بهذا الشكل السافر؟

الاستراتيجية الدفاعية لا تُكتب في الضاحية الجنوبية، ولا تُفرض تحت تهديد السلاح، ولا يُفاوض عليها من لطّخ يديه بدماء الأبرياء. تُرسم في قيادة الجيش، ويشارك في صياغتها ضباطٌ أقسموا على الولاء للوطن، لا لمرشد الثورة في طهران.

الحل واضح وصريح: نزع سلاح “حزب الله” فورًا، حل التنظيم، محاكمة قادته كمجرمي حرب، واستعادة قرار الدولة اللبنانية كاملًا، دون شريك، ودون وصاية، ودون خوف.

أي مساومة على هذا الحق، ليست سياسة، بل خيانة موصوفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى