من “الشيطان الأكبر” إلى “رجل السلام”!

بقلم: تادي عواد
في لحظة خاطفة، تنقلب طهران على نفسها وتبدّل جلدها. بالأمس، كان “الشيطان الأكبر” عنوان المرحلة، شعارًا يتردد في كل خطاب ومظاهرة ومناسبة. “الموت لأمريكا!” لم تكن مجرد عبارة عابرة، بل الجملة التي اختزلت عقودًا من العداء، والتجييش، وتبرير التدخلات تحت مظلة ما سُمي بـ”الممانعة”.
كان المرشد الأعلى علي خامنئي يعتلي المنابر محذرًا من “الغرب الكافر”، وواصفًا أي حوار مع واشنطن بالخيانة، مغلقًا باب التفاوض بإحكام. أما اليوم، وفي انقلاب غير مسبوق، يخرج مستشاره ليمنح دونالد ترامب وسام “رجل السلام”، ويؤكد أن الانخراط الأميركي “بصدق” سيقود إلى نتائج “واضحة وميسّرة”.
ليلة سوداء… بلا قمر ولا ضمير
في جنح الظلام، ودون مقدمات أو تبريرات مقنعة، رُميت الشعارات على قارعة الطريق. الحلفاء تُركوا، والشعوب التي صدّقت الوهم دفعت الثمن مرة أخرى. لم يعد هناك مكان للمبادئ، فكل شيء بات قابلًا للبيع: العقيدة، الحلفاء، وحتى دماء الشهداء.
تلك الأصوات التي كانت تتهم كل من دعا إلى الحوار بالخيانة، أين هي اليوم؟ من يعتذر لأمهات الضحايا؟ ولأولئك الذين خُدعوا بالشعارات، وحُرّضوا على الكراهية، ودُفعوا إلى حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
من يدفع الثمن؟
كالعادة، ليس القادة، ولا منظّرو العقيدة. من يدفع هو ذاك الشاب الذي صدّق الكذبة، وذاك الأب الذي بكى على تابوت مغطّى بشعارات جوفاء، وذاك الوطن الذي تمزّق بين التبعية والخذلان.
الثورة الخمينية، وشعاراتها، تحوّلت إلى سلعة تُستعمل حتى تُستهلك، ثم تُرمى.