اخبار العالم

الوهم الكبير..

بقلم تادي عواد

تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال فيه: “الإطاحة ببشار الأسد في ‎سوريا لم تكن في صالح إسرائيل”، كان صريحًا وواقعيًا.

منذ البداية، كانت الحقيقة واضحة لكل من امتلك الشجاعة لرؤيتها. لكن وسط الضجيج والدعاية، وبين التزوير والخداع، ضاعت سنوات، وأُزهقت أرواح، وانهارت أوطان، بينما ظلّ البعض متمسكًا بأوهامه حتى النهاية.

الثورة والحقيقة المغيّبة

حين انتفض الشعب السوري ضد طغيان نظام الأسد، لم يكن يسعى لتنفيذ أجندات خارجية، ولم يكن يخوض حربًا بالوكالة. كان مطلبه بديهيًا: الحرية والكرامة. غير أن المستفيدين من استمرار الطغيان لم يكونوا ليسمحوا بذلك، فحشدوا كل وسائلهم لسحق الثورة، بدءًا من الميليشيات الطائفية وصولًا إلى الآلة الإعلامية الكاذبة.

منذ اللحظة الأولى، صُوِّرت الثورة على أنها “مؤامرة كونية”، وكأن الطغيان هو الوضع الطبيعي، وكأن المطالبة بالحقوق خيانة. والأكثر وقاحةً أنهم اتهموا الثائرين بتنفيذ أجندة تل أبيب، بينما كانوا هم في الحقيقة يحمون نظامًا لم يكن يومًا شوكةً في حلق إسرائيل، بل كان درعها الحامي.

حقيقة العلاقة بين الأسد وإسرائيل

لم تقلق إسرائيل يومًا من أفعال الأسد ضد شعبه، بل رأت في بقائه مصلحة استراتيجية. فهو من سلَّم الجولان فعليًا منذ عقود، وهو من حافظ على أمن الحدود، وهو من حوَّل سوريا إلى دولة منهكة، لا تهدد أحدًا إلا نفسها. في عهده، لم تخُض سوريا حربًا حقيقية، لكنها شنت آلاف المعارك ضد مدنها وأهلها، فدمَّرت حلب وحمص ودرعا، وأمطرت ببراميلها المتفجرة كل من تجرأ على قول “لا”.

المقاومة الزائفة

أما أولئك الذين يدّعون المقاومة، فقد خلطوا بين النضال ضد الاحتلال وتبرير القمع الداخلي. ظنوا أن رفع شعار “المقاومة” يمنحهم حقًا مطلقًا في سحق شعوبهم، ولم يدركوا أن الشرعية لا تُكتسب بالشعارات، بل تُثبتها الأفعال.

واليوم، بعد أن خسرت إيران مشروعها التوسعي، وبعد أن تهاوت حساباتها في المنطقة، يقف أتباعها في حالة إنكار، عاجزين عن الاعتراف بأنهم لم يكونوا سوى بيادق في لعبة أكبر منهم. خدعتهم الشعارات، وأسرتهم الأوهام، حتى وجدوا أنفسهم أدوات مستهلكة، تُركوا لمصيرهم، بينما من استخدمهم يمضي لتنفيذ مشاريع أخرى.

النهاية المحتومة

التاريخ لا يرحم، والأكاذيب لا تعيش إلى الأبد. قد تُطوى صفحات الثورة السورية في كتب السياسة، لكن الحقائق تبقى، والدماء التي سُفكت ستظل لعنة تطارد من سفكها، سواء ارتدى عباءة القومية، أم تلحَّف بشعار المقاومة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى